responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 65
بِمَخْلُوقٍ فَيَبِيدَ وَلَا صِفَةً لِمَخْلُوقٍ فَيَنْفَدَ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَبِيدُ مَعْنَاهُ يَذْهَبُ، وَيَنْفُدُ مَعْنَاهُ يَتِمُّ. قِيلَ: مِنْهُ نَفِدَ يَنْفَدُ نَفَادًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] وَكِلَاهُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى جَوَابِ النَّفْيِ الَّذِي هُوَ لَيْسَ.

(وَ) وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ (الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ) بِتَحْرِيكِ الدَّالِ. ق: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَجْمُوعُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ، وَهُوَ الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فِيمَا يَأْتِي وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ قَدَّرَهُ اللَّهُ رَبُّنَا وَقَالَ: (عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ قَبْلَ كَوْنِهِ) وَقَالَ: تَعَالَى أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدُ وَالضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ (خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ) عَائِدَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: لَمَّا ذَكَرَ الْمَشَايِخُ مِنْ أَنَّهُ يُقَالُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا يُقَالُ: الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِئَلَّا يَسْبِقَ لِلْفَهْمِ أَنَّ الْمُؤَلَّفَ مِنْ الْأَصْوَاتِ وَالْحُرُوفِ قَدِيمٌ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ جَهْلًا وَعِنَادًا.
[قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ يَذْهَبُ] أَيْ يَفْنَى وَيَهْلَكُ [قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ يَتِمُّ] لَا يَخْفَى أَنَّ تَمَامَهُ ذَهَابُهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَالنُّكْتَةُ فِي اخْتِلَافِ التَّعْبِيرِ مَعَ كَوْنِ الْمَعْنَى مُتَّحِدًا أَنَّ شَأْنَ الْمَخْلُوقِ أَنْ يُوصَفَ بِالْهَلَاكِ لَا بِالتَّمَامِ.
قَالَ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} [القصص: 88] أَيْ فَانٍ، فَنَاسَبَ تَفَرُّعَ الْهَلَاكِ عَلَى الْمَخْلُوقِيَّةِ الْمَنْفِيَّةِ، وَشَأْنُ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لَهُ أَنْ يُوصَفَ بِالتَّمَامِ تَقُولُ: تَمَّ كَلَامِي وَلَا تَقُولُ هَلَكَ كَلَامِي أَوْ فَنِيَ، فَنَاسَبَ تَفَرُّعُ التَّمَامِ عَلَى كَوْنِهِ صِفَةً لِمَخْلُوقٍ: وَأَجَابَ الْفَاكِهَانِيُّ بِقَوْلِهِ: قُلْت؛ لِأَنَّ الْأَجْسَامَ تَفْنَى أَصَالَةً، فَنَاسَبَ قَوْلَهُ: يَبِيدُ، وَالْأَعْرَاضُ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَنَاسَبَ يَنْفَدُ اهـ.
[قَوْلُهُ: لَنَفِدَ الْبَحْرُ] أَيْ فَرَغَ جِنْسُ الْبَحْرِ وَانْتَهَى قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ وَتَفْرُغَ كَلِمَاتُ رَبِّي؛ لِأَنَّ الْبَحْرَ وَإِنْ تَعَدَّدَ مُتَنَاهٍ؛ لِأَنَّهُ جِسْمٌ مُتَنَاهٍ، وَكَلِمَاتُ اللَّهِ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ فَلَا تَنْفَدُ. [قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا مَنْصُوبَانِ] رَاعَى الْمَعْنَى، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ لَقَالَ: وَكِلَاهُمَا مَنْصُوبٌ، وَيَصِحُّ الرَّفْعُ وَهُوَ أَنْ تَجْعَلَ الْفَاءَ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ أَيْ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَيْسَ بِبَائِدٍ.

[قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِ الدَّالِ] وَحُكِيَ سُكُونُهَا بَلْ جَعَلَهُمَا اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ جَوْهَرَتِهِ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ كِلَاهُمَا مَصْدَرٌ، قَدَرْت الشَّيْءَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِهَا إذَا أَحَطْت بِمِقْدَارِهِ.
[قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ إلَخْ] أَيْ فَيَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ ثَلَاثِ صِفَاتٍ.
وَفِي كَلَامِ الْأَقْفَهْسِيِّ نَظَرٌ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَوْله: وَهُوَ الَّذِي يَجْرِي إلَخْ. لَا يُسَلِّمُ إذْ قَوْلُهُ: وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ قَدَّرَهُ اللَّهُ رَبُّنَا مِنْ مَادَّةِ الْقَدَرِ، فَلَا يَكُونُ نَصًّا فِي إرَادَةِ الْقُدْرَةِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ تَعَلَّقَتْ إرَادَتُهُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ إلَخْ إخْبَارٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِصِفَاتِ الْمَوْلَى لِأَجْلِ أَنْ تَعْتَقِدَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعِلْمَ جُزْءُ الْمَدْلُولِ لِلْقَدَرِ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى إلَخْ. بَلْ الْقَدَرُ عِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ إيجَادُ الْأَشْيَاءِ عَلَى قَدَرٍ مَخْصُوصٍ وَتَقْدِيرٍ مُعَيَّنٍ فِي ذَوَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا طِبْقَ مَا سَبَقَ بِهِ الْعِلْمُ الْقَدِيمُ، أَيْ فَهُوَ صِفَةُ فِعْلٍ، وَعِنْدَ الْمَاتُرِيدِيَّةِ تَحْدِيدُهُ أَزَلًا كُلُّ مَخْلُوقٍ يَحُدُّهُ الَّذِي يُوجَدُ بِهِ مِنْ حُسْنٍ وَقُبْحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَيْ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ بِالْحَدِّ الَّذِي يُوجَدُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ قَاسِمٍ.
[قَوْلُهُ: بِتَأْوِيلِ خَيْرِ إلَخْ] إنَّمَا احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ الْقَدَرَ بِالْأَوْصَافِ الثَّابِتَةِ، فَلَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ إبْدَالُ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ إلَخْ. مِنْهَا أَيْ فَالْمُرَادُ الْخَيْرُ مِنْ الْمَقْدُورَاتِ الْمُضَافَةِ لِلْقَدَرِ، وَهَكَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمُتَعَلَّقِ بِفَتْحِ اللَّامِ لِلْمُتَعَلِّقِ بِكَسْرِهَا الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ، وَخُلَاصَةُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُصَدَّقَ بِأَنَّ الْخَيْرَ مِنْ مُتَعَلَّقِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَكَذَا غَيْرُهُ فَعَلِمَهَا وَأَرَادَهَا أَزَلًا وَتَعَلَّقَتْ قُدْرَتُهُ بِوُجُودِهَا فِيمَا لَا يَزَالُ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْقَدَرِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، بَلْ الْقَصْدُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنْ مُتَعَلَّقِ قَدَرِهِ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامًا أَطْلَقَ الْقَدَر أَوَّلًا وَأَرَادَ بِهِ الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْمَقْدُورُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى مَحْذُوفٍ مُضَافٍ لِلْقَدَرِ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست