responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 63
وَلَا صِفَةٍ، وَأَنَّ عِبَادَهُ هُمْ الَّذِينَ خَلَقُوا لَهُ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ (تَعَالَى) أَيْ تَنَزَّهَ وَتَعَاظَمَ عَمَّا يَقُولُونَ مِنْ (أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ مَخْلُوقَةً وَ) أَنْ تَكُونَ (أَسْمَاؤُهُ مُحْدَثَةً) ظَاهِرُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ فَقَدِيمَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهَا حَادِثَةٌ أَيْ مُتَجَدِّدَةٌ؛ لِأَنَّهَا إضَافَاتٌ تَعْرِضُ لِلْقُدْرَةِ. وَهِيَ تَعَلُّقَاتُهَا بِوُجُودَاتِ الْمَقْدُورَاتِ لِأَوْقَاتِ وُجُودَاتِهَا وَلَا مَحْذُورَ فِي اتِّصَافِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ بِالْإِضَافَاتِ كَكَوْنِهِ قَبْلَ الْعَالِمِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ، وَأَمَّا صِفَاتُ الذَّاتِ قَدِيمَةٌ اتِّفَاقًا لَا تُفَارِقُ الذَّاتَ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ. الْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْعِلْمُ وَالْحَيَاةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْبَقَاءُ.

(وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ إجْمَاعًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى (كَلَّمَ مُوسَى) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (بِكَلَامِهِ) الْقَدِيمِ (الَّذِي هُوَ صِفَةُ ذَاتِهِ) فَخَلَقَ لَهُ فَهْمًا فِي قَلْبِهِ، وَسَمْعًا فِي أُذُنَيْهِ يَسْمَعُ بِهِ كَلَامًا لَيْسَ بِصَوْتٍ وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQخَلَقُوا لَهُ الْأَسْمَاءَ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَسْمَاءَ أَلْفَاظٌ دَلَّتْ عَلَى مُسَمَّيَاتِهَا فَوَصْفُهُمْ بِذَلِكَ أَيْ بِكَوْنِهِمْ خَلَقُوا الْأَسْمَاءَ لِكَوْنِهِمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: وَالصِّفَاتِ إلَخْ] هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ هِيَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْمَوْصُوفِ فَهُوَ لَيْسَ فِعْلًا لِلْعَبْدِ وَلَا نَاشِئًا عَنْ فِعْلِهِ، وَالْمَخْلُوقُ لَهُمْ عِنْدَهُمْ مَا ذُكِرَ فَقَطْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْأَسْمَاءِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ فَقَطْ، وَالصِّفَاتِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ وَالصِّفَةِ، وَحَرِّرْ. [قَوْلُهُ: وَتَعَاظَمَ] مُرَادِفٌ [قَوْلُهُ: مِنْ أَنْ تَكُونَ] بَيَانٌ لِمَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَجْرُورَةٌ بِمِنْ مُقَدَّرَةٌ، وَأَنَّ تَعَالَى يَتَعَدَّى بِعَنْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ تَكُونَ مَجْرُورَةً بِعَنْ مَحْذُوفَةً فَهُوَ أَخَصْرُ. [قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ مَخْلُوقَةً وَأَسْمَاؤُهُ مُحْدَثَةً] فَالتَّعْبِيرُ فِي الصِّفَاتِ بِمَخْلُوقَةٍ وَفِي الْأَسْمَاءِ بِمُحْدَثَةٍ تَفَنُّنٌ لَا يَخْفَى أَنَّ الصِّفَاتِ قَدِيمَةٌ وَلَا خَفَاءَ فِي قِدَمِهَا، وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ فَكَيْفَ تَكُونُ قَدِيمَةً مَعَ أَنَّهَا أَلْفَاظٌ وَكُلُّ لَفْظٍ حَادِثٌ؟ فَتَخَلَّصَ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّ قِدَمَ الْأَسْمَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعَانِي كَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْمَاءِ التَّسْمِيَاتُ، وَالتَّسْمِيَاتُ كَلَامُهُ وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ، وَلَعَلَّ جَعْلَ الْكَلَامِ تَسْمِيَةً تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ جَعْلَ اللَّفْظِ دَلِيلًا عَلَى الْمَعْنَى. [قَوْلُهُ: وَالرَّزْقُ] بِفَتْحِ الرَّاءِ مَصْدَرٌ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَيَصِحُّ كَسْرُهَا بِجَعْلِهِ اسْمَ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُمْ يُرْجِعُونَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ وَمَا مَاثَلَهَا إلَى صِفَةِ مَعْنًى قَدِيمَةٍ قَائِمَةٍ بِالذَّاتِ الْعَلِيَّةِ تُسَمَّى التَّكْوِينُ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعِ، فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَيَاةِ سُمِّيَتْ إحْيَاءً وَبِالْمَوْتِ سُمِّيَتْ إمَاتَةً وَغَيْرُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَيْ مُتَجَدِّدَةٌ] أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحُدُوثِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي هُوَ الْوُجُودُ بَعْدَ الْعَدَمِ، بَلْ مَعْنَاهُ الْمَجَازِيُّ وَهُوَ التَّجَدُّدُ؛ لِأَنَّهَا أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ [قَوْلُهُ: إضَافَاتٌ] أَيْ نَسَبٌ [قَوْلَهُ: وَهِيَ] أَيْ تِلْكَ الْإِضَافَاتُ. [قَوْلُهُ: تَعَلُّقَاتُهَا] أَيْ التَّنْجِيزِيَّةُ الْحَادِثَةُ.
[قَوْلُهُ: بِوُجُودَاتِ إلَخْ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ؛ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْوُجُودَ عَيْنُ الْمَوْجُودِ. [قَوْلُهُ: الْأَوْقَاتِ] أَيْ عِنْدَ أَوْقَاتِ وُجُودَاتِهَا [قَوْلُهُ: وَلَا مَحْذُورَ] أَيْ لَا ضَرَرَ [قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ قَبْلَ الْعَالَمِ] فَالْقَبْلِيَّةُ نِسْبِيَّةٌ، وَكَذَا الْمَعِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ، وَهِيَ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ لَا وُجُودِيَّةٌ، وَإِطْلَاقُ الْحُدُوثِ عَلَيْهَا مَجَازٌ، وَاسْتِحَالَةُ اتِّصَافِ الْمَوْلَى بِالْحَادِثِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْوُجُودُ بَعْدَ الْعَدَمِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَالْبَقَاءُ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ.

[قَوْلُهُ: إجْمَاعًا] فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى كَوْنِ مُوسَى سَمِعَ الْكَلَامَ الْقَدِيمَ إذْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا سَمِعَ صَوْتًا، وَاخْتُصَّ بِاسْمِ الْكَلِيمِ لِكَوْنِهِ بِلَا وَاسِطَةِ الْكِتَابِ وَالْمَلَكِ. هَذَا إذَا أُرِيدَ إجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَمَّا إنْ أُرِيدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ الشَّامِلَةِ لِسُنِّيِّهَا وَمُبْتَدِعِهَا كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فَيَقْوَى الِاعْتِرَاضُ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّ مَصَبَّ قَوْلِهِ: إجْمَاعًا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَلَّمَ مُوسَى فَقَطْ.
[قَوْلُهُ: الْقَدِيمِ] وَصْفٌ مُخَصِّصٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الْقَدِيمَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْقُرْآنِ الْمَعْلُومِ، أَعْنِي اللَّفْظَ الْمُنَزَّلَ عَلَى نَبِيِّنَا إلَخْ. [قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ صِفَةُ ذَاتِهِ] أَيْ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ،

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست