responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 99
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُؤْمِنُ الْمُوَفَّقُ فَلَهُ مَلَكَانِ اسْمُ أَحَدِهِمَا بَشِيرٌ وَالْآخَرُ مُبَشِّرٌ، قِيلَ وَمَعَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ نَاكُورٌ، وَقِيلَ وَيَجِيءُ قَبْلَهُمَا مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ رُمَّانُ، وَحَدِيثُهُ قِيلَ مَوْضُوعٌ وَقِيلَ فِيهِ لِينٌ، وَمَا وَرَدَ مِنْ انْتِهَاءِ الْمَلَكَيْنِ لِلْمَيِّتِ وَإِزْعَاجِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ الطَّائِعُ وَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ لَهُ الْعَفْوَ وَالْغُفْرَانَ فَيَقُولَانِ لَهُ: نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إلَّا أَحَبُّ النَّاسِ إلَيْهِ، وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا اللَّقَانِيُّ: أَنَّ كُلَّ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِالسَّعَادَةِ يُوَفَّقُ لِجَوَابِ الْمَلَكَيْنِ.
السَّادِسُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا كَذَلِكَ كَيْفَ يَدْخُلَانِ الْقَبْرَ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ، وَقَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا اللَّقَانِيُّ: إنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُمَا يَبْحَثَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا وَأَنَّهُمَا كَصَيَاصِي الْبَقَرِ أَيْ قُرُونِهِمَا.
وَفِي آخَرَ أَنَّهُمَا يَمْشِيَانِ فِي الْأَرْضِ كَمَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي الضَّبَابِ وَهُمَا رَافِعَانِ لِلِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي أَبَدَاهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ.
السَّابِعُ: رُبَّمَا يَقَعُ السُّؤَالُ فِي حُضُورِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَحَدٍ فِي قَبْرِهِ وَقْتَ سُؤَالِهِ، وَقَالَ فِيهِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا اللَّقَانِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ يَحْضُرُ لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا ثَبَتَ حُضُورُ إبْلِيسَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْقَبْرِ مُشِيرًا إلَى نَفْسِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَلَكِ: مَنْ رَبُّكَ مُسْتَدْعِيًا مِنْ جَوَابِهِ بِهَذَا رَبِّي، فَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِلْجَوَابِ.
الثَّامِنُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الْمُؤْمِنِينَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ إلَّا مَنْ وَرَدَ عَدَمُ سُؤَالِهِ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ - وَلَوْ شَهِدَ آخِرَةً فَقَطْ - وَالْمُرَابِطِ وَالْمَيِّتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَتَدْخُلُ بِزَوَالِ شَمْسِ الْخَمِيسِ، أَوْ يَوْمَهَا وَالْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ لِمَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُقْبَرَ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي أَهْلِ الْفَتْرَةِ وَالْمَجَانِينِ وَالْبُلْهِ.
قَالَ الْجَلَالُ: وَمُقْتَضَى الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ إلَّا الْمُكَلَّفُ فَلَا تُسْأَلُ الْأَطْفَالُ، وَجَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ بِسُؤَالِهِمْ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فِي بَابِ الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ، وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَتَلَخَّصَ أَنَّ فِي سُؤَالِ الْأَطْفَالِ قَوْلَيْنِ، وَمِمَّنْ لَا يُسْأَلُ الْمُوَاظِبُ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ وَالْمُلْكِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَمَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَجَمِيعُ مَنْ نَصَّ عَلَى شَهَادَتِهِ.
التَّاسِعُ: مَنْ أَنْكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَسُؤَالَ الْمَلَكَيْنِ مُبْتَدِعٌ وَيُؤَدَّبُ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَيُضْرَبُ أَدَبًا كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِبَعْضِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّخْصِ بَعْدَ مَوْتِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حَالِهِ فِي حَيَاتِهِ فَقَالَ: (وَ) مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْجَزْمُ بِهِ وَيَكْفُرُ بِجَحْدِهِ اعْتِقَادُ (أَنَّ عَلَى الْعِبَادِ حَفَظَةً يَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ) الَّتِي تَصْدُرُ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا يَكْتُبُونَهَا فِي دِيوَانٍ مِنْ وَرَقٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ، لَا يُهْمِلُونَ مِنْ عَمَلِ الْعَبْدِ شَيْئًا قَوْلًا أَوْ اعْتِقَادًا، هَمًّا أَوْ عَزْمًا، خَيْرًا أَوْ شَرًّا، أَوْ الصَّغَائِرَ الْمَغْفُورَةَ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمُكَفِّرَاتِ صَدَرَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْقَصْدِ أَوْ الذُّهُولِ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ كَمَا رَوَاهُ عُلَمَاءُ النَّقْلِ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: يَكْتُبُونَ عَلَى الْعِبَادِ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَنِينَهُمْ فِي مَرَضِهِمْ مُحْتَجًّا بِظَاهِرِ {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] وَالرَّقِيبُ الْحَافِظُ وَالْعَتِيدُ الْحَاضِرُ.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ:
بِكُلِّ عَبْدٍ حَافِظُونَ وُكِّلُوا ... وَكَاتِبُونَ خِيرَةً لَنْ يُهْمِلُوا
مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا فَعَلَ وَلَوْ ذَهَلَ ... حَتَّى الْأَنِينَ فِي الْمَرَضِ كَمَا نُقِلَ
فَحَاسِبِ النَّفْسَ وَقِلِّ الْأَمَلَا ... فَرُبَّ مَنْ جَدَّ لِأَمْرٍ وَصَلَا
وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ فِي الْعَبْدِ الْكَافِرُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ بَلْ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا فَعَلَ أَفْعَالًا جَمِيلَةً كَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ أَيْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنَّ ثَوَابَ ذَلِكَ يُكْتَبُ لَهُ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْكَافِرِ حَفَظَةً يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ قَالَ بَعْضٌ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى تَكْلِيفِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَاتِبِينَ هُمْ الْحَفَظَةُ، وَكَلَامُ الْجَوْهَرَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ، وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْحَقَّ مِنْهُ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: إطْلَاقُهُ الْعِبَادَ يَتَنَاوَلُ الْمُكَلَّفَ وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ كَتْبُهُمْ حَسَنَاتِ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمَجْنُونُ لَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست