responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 98
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقْبَرْ إلَّا مَا وَرَدَ النَّصُّ بَعْدَ سُؤَالِهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ يُثَبِّتُهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى قَوْلِ الْإِيمَانِ وَفُرُوعِهِ.
وَقِيلَ: عِنْدَ حُضُورِ الشَّيَاطِينِ لِلْفِتْنَةِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَ احْتِضَارِهِ تَحْضُرُ لَهُ شَيَاطِينُ عَلَى صُورَةِ مَنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ هُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إلَيْهِ وَيَقُولُونَ لَهُ: قَدْ سَبَقْنَاك إلَى الْآخِرَةِ فَوَجَدْنَا أَحْسَنَ الْأَدْيَانِ دِينَ كَذَا إشَارَةً إلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ ثَبَاتَهُ يُلَقِّنُهُ حُجَّتَهُ. وَحَاصِلُ الْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجِبُ بِالشَّرْعِ اعْتِقَادُ أَنَّ الْمَوْتَى تُسْأَلُ فِي قُبُورِهَا لَكِنْ بَعْدَ أَنْ تَحْيَا بِرَدِّ الرُّوحِ إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَرُجِّحَ وَقِيلَ إلَى النِّصْفِ الْأَعْلَى وَيُرَدُّ إلَيْهَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهْمُ الْخِطَابِ وَيَتَأَتَّى مَعَهُ رَدُّ الْجَوَابِ مِنْ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحَيَاةَ لَيْسَتْ كَالْحَيَاةِ الْمَعْهُودَةِ ثُمَّ تُسْأَلُ، وَالدَّلِيلُ مِنْ السُّنَّةِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اُنْظُرْ إلَى مَقْعَدِك مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَك بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي كُنْت أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ لَهُ: لَا دَرَيْت وَلَا تَلَيْتَ وَيُضْرَبُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيه غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ» . وَأَخْرَجَهُ أَيْ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بِنَحْوِهِ وَزَادَ: «وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خُضَرًا أَيْ شَيْئًا يَتَلَذَّذُ بِهِ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُ» .
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: الْمُؤْمِنِينَ شُمُولُهُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَخْرُجُ الْكَافِرُ وَلَوْ مُنَافِقًا، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ اخْتِصَاصُ السُّؤَالِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِحَدِيثِ: «أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا» وَخَالَفَ ابْنُ الْقَيِّمِ فَقَالَ: كُلُّ نَبِيٍّ مَعَ أُمَّتِهِ كَذَلِكَ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ خُرُوجِ الْكَافِرِ خَالَفَ فِيهِ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَا: إنَّ ظَوَاهِرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يُسْأَلَانِ، بَلْ صَرِيحُ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ سُؤَالُ الْكَافِرِ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى سُؤَالِ الْمُنَافِقِ، فَلَعَلَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِسُؤَالِ الْكُفَّارِ فَلَا يَنْبَغِي الشَّكُّ فِي سُؤَالِهِمْ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ فِتْنَةٌ وَعَذَابٌ وَهُمْ بِذَلِكَ أَحْرَى مِنْ الْمُسْلِمِ.
الثَّانِي: قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ وَابْنُ نَاجِي: الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِتْنَةَ وَهِيَ السُّؤَالُ مَرَّةً وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ أَنَّهُ يُسْأَلُ ثَلَاثًا، وَفَصَّلَ الْجَلَالُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ فَيُسْأَلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَالْكَافِرِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا.
الثَّالِثُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الْمَسْئُولَ عَنْهُ وَصَرَّحَ الْبَعْضُ بِهِ فَقَالَ: السُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ عَنْ الْعَقَائِدِ فَقَطْ، يَقُولُ الْمَلِكُ لِلْمَيِّتِ: مَنْ رَبُّك وَمَا دِينُك وَمَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ.
وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ مَنْ أَبُوك وَمَا قِبْلَتُك، وَفِي أُخْرَى الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ، وَجُمِعَ بِاخْتِلَافِ الْمَسْئُولِينَ وَبِأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضٍ وَبَعْضُهُمْ أَتَمَّ فَتَوَهَّمَ الِاخْتِلَافَ.
الرَّابِعُ: جَوَّزَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَسْأَلَا الْمَيِّتَ مَعًا كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَكَتَبَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا اللَّقَانِيُّ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا تَحْتَ رِجْلَيْهِ وَالْآخَرُ عَلَى رَأْسِهِ، وَاَلَّذِي يُبَاشِرُ السُّؤَالَ الْوَاقِفُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَأَنْ يَسْأَلَهُ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي أُخْرَى، وَقِيلَ: اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَسْئُولِينَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَوَقْتُ السُّؤَالِ أَوَّلُ يَوْمٍ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ وَعِنْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُ، وَتَوَقَّفَ الْجَلَالُ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ السُّؤَالِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ السُّؤَالِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُمَا يَأْتِيَانِ الْمَيِّتَ مَعًا وَلَا يَتَوَلَّى السُّؤَالَ إلَّا أَحَدُهُمَا، فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِ السُّؤَالِ أَوَّلَ يَوْمٍ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ وَعِنْدَ انْصِرَافِ النَّاسِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ لَوْ مَاتَ جَمَاعَةٌ فِي أَمَاكِنَ مُتَبَاعِدَةٍ وَدُفِنُوا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ فَكَيْفَ يُمْكِنُ مِنْ الْمَلَكَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ مُبَاشَرَةُ سُؤَالِ الْجَمِيعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ عَقْلًا أَنْ يُعَظِّمَ اللَّهُ جُثَّتَيْهِمَا حَتَّى يُخَاطِبَا الْخَلْقَ الْكَثِيرَ فِي زَمَانٍ مُتَّحِدٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيُخَيَّلُ لِكُلٍّ أَنَّهُ الْمَسْئُولُ دُونَ غَيْرِهِ، وَيُحْجَبُ سَمْعُ كُلٍّ عَنْ سَمَاعِ كَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى نَظِيرِ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ خَلْقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْصِيصِ الْمَلَكَيْنِ، وَأَمَّا تَعَدُّدُ مَلَائِكَةِ السُّؤَالِ بِتَعَدُّدِ الْمَسْئُولِينَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْجَوَابِ هَكَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَأَقُولُ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ تَعْيِينُهُمَا بِأَنَّهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ.
الْخَامِسُ: صِفَةُ الْمَلَكَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ أَعْيُنُهُمَا كَقُدُورِ النُّحَاسِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: كَالْبَرْقِ وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ إذَا تَكَلَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمَا كَالنَّارِ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِطْرَاقٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضَرَبَ بِهِ الْجِبَالَ ضَرْبَةً لَذَابَتْ.
وَفِي رِوَايَةٍ: بِيَدِ أَحَدِهِمَا مِرْزَبَّةٌ لَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ مِنًى لَمْ يَسْتَطِيعُوا حَمْلَهَا وَاسْمُهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُشْبِهَانِ خَلْقَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا خَلْقَ الْمَلَائِكَةِ وَلَا خَلْقَ الطَّيْرِ وَلَا الْبَهَائِمِ وَلَا الْهَوَامِّ بَلْ هُمَا خَلْقٌ بَدِيعٌ وَلَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا أُنْسٌ لِلنَّاظِرِينَ جَعَلَهُمَا اللَّهُ تَذْكِرَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَهَتْكًا لِسِتْرِ الْمُنَافِقِينَ وَهُمَا لِلْمُؤْمِنِ الطَّائِعِ وَغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ هُمَا لِلْكَافِرِ وَالْعَاصِي وَأَمَّا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست