responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 226
ذَكَرَ صَلَاةً صَلَّاهَا مَتَى مَا ذَكَرَهَا عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ ثُمَّ أَعَادَ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ مِمَّا صَلَّى بَعْدَهَا

وَمَنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرُكْبَتَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَنْكَحًا لِلسَّهْوِ، وَلَا يُقَالُ: مَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ يُصْلِحُ، لِأَنَّا نَقُولُ: الْإِصْلَاحُ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ، وَبَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَاتَهُ الْجُلُوسُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ وَلَا يَرْجِعُ مِنْهُ لِسُنَّةٍ، وَقَيَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَدَمَ الرُّجُوعِ بَعْدَ الِاسْتِقْلَالِ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكَحِ، وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّ الْفِقْهَ نَقْلِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ.
الثَّالِثُ: قَدْ قَدَّمْنَا عَنْ خَلِيلٍ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الِاسْتِقْلَالِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَ تَمَامِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إبْطَالَ رُكْنٍ، وَنَظَرَ الْأُجْهُورِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ الْفَاتِحَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْرَأُ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ.
الرَّابِعُ: وَقَعَ التَّوَقُّفُ مِنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فِي نَحْوِ السُّورَةِ إذَا رَجَعَ لَهَا بَعْدَ الِانْحِنَاءِ أَوْ السِّرِّ أَوْ الْجَهْرِ، فَهَلْ يَصِحُّ قِيَاسُ مَا ذَكَرَ عَلَى الْجُلُوسِ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا يُفَوِّتُ الشُّرُوعَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي بَعْدَهُ؟ فَبَعْضٌ سَمِعْنَا مِنْهُ عَدَمَ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ رَجَعَ لِنَحْوِ السُّورَةِ بَعْدَ انْحِنَائِهِ، قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ مَنْ رَجَعَ لِلْجُلُوسِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا، وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّ الْفِقْهَ نَقْلِيٌّ.
الْخَامِسُ: قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: يَقُومُ مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ مَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ تَارِكًا لِلْجُلُوسِ، وَمَنْ نَسِيَ السُّورَةَ حَتَّى انْحَنَى، أَنَّ نَاسِيَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لَا يَرْجِعُ لَهُمَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي غَسْلِ وَجْهِهِ بَلْ يَتَمَادَى وَيَفْعَلُهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ بِالرُّجُوعِ عَلَى غَيْرِ النَّاسِي، وَأَنَّ الْإِمَامَ إذَا شَرَعَ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ الثَّانِي لِاعْتِقَادِ أَنَّهُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُهَا لِلْمُؤَذِّنِ، الثَّالِثُ وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.

[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ السَّهْوِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فَقَالَ: (وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً) نَسِيَهَا مِنْ إحْدَى الْخَمْسِ (صَلَّاهَا) وُجُوبًا (مَتَى مَا ذَكَرَهَا) وَلَوْ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا أَوْ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ حَيْثُ تَحَقَّقَ تَرْكُهَا، أَوْ ظَنُّهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيَفْعَلْهَا إذَا ذَكَرَهَا فَذَلِكَ وَقْتُهَا» وَفِي مُسْلِمٍ: «فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَمَا فِي الْحَدِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ مُتَعَمِّدَ التَّرْكِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي أَيِّ وَقْتٍ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْ النَّائِمِ وَالسَّاهِي بِخِلَافِ الْمُتَعَمِّدِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ صَلَاتِهَا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِعْلِهَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْتَلُ إذَا عَانَدَ فِي فِعْلِهَا؟ فَقِيلَ يُقْتَلُ، وَقِيلَ لَا، وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ عَدَمُ قَتْلِهِ بِالْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَقَيَّدْنَا بِمُحَقِّقَةِ التَّرْكِ أَوْ الْمَظْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْكُوكَ فِي تَرْكِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى السَّوَاءِ يَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَلَكِنْ يَتَوَقَّى الْفَاعِلُ أَوْقَاتَ النَّهْيِ وُجُوبًا فِي نَهْيِ الْحُرْمَةِ وَنَدْبًا فِي نَهْيِ الْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا الْوَهْمُ وَالتَّجْوِيزُ الْعَقْلِيُّ فَلَا يَجِبُ بِهِمَا وَلَا يُنْدَبُ قَضَاءٌ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَلَا يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ نَقْصَ الْفَرَائِضِ وَلَوْ الْمَوْهُومَ كَالْمُحَقَّقِ فَأَوْلَى الْفَرْضُ الْكَامِلُ الْمَوْهُومُ، لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُتَقَدِّمُ فِي الْفَرْضِ الْمُحَقَّقِ الْخِطَابُ بِهِ، وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِطَابٌ فَافْهَمْ، وَمِنْ هُنَا عُلِمَ خَطَأُ بَعْضِ الْمُطَاوَعَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِقَضَاءِ صَلَاةِ زَمَنٍ مِنْ الصِّبَا أَوْ مُدَّةِ الْبَطْنِ، وَيُسَمُّونَهَا صَلَاةً وَهُوَ جَهْلٌ مِنْهُمْ، وَيُفَوِّتُ الْإِنْسَانُ بِهِ ثَوَابَ النَّفْلِ، وَيُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا. (عَلَى نَحْوِ) أَيْ صِفَةِ (مَا فَاتَتْهُ) مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ أَوْ قَصْرٍ أَوْ إتْمَامٍ، وَقُنُوتٍ فِي صُبْحٍ وَتَطْوِيلِ قِرَاءَةٍ، وَقِرَاءَةٍ بِسُورَةٍ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَأُولَتَيْ غَيْرِهَا، وَاسْتَثْنُوا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْمَرَضِ وَقَضَاهَا فِي الصِّحَّةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُهُ الْجُلُوسَ فِي الْمَرَضِ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَإِنْ خَفَّ مَعْذُورٌ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى.
وَعَكْسُهُ مَنْ فَاتَتْهُ فِي الصِّحَّةِ يَقْضِيهَا وَلَوْ مِنْ جُلُوسٍ، أَوْ فَاتَتْهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَمْ يَقْضِهَا إلَّا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّيَمُّمِ، وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَ الْفِعْلِ سَوَاءٌ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْفَوَائِتِ أَوْ عَكْسُهُ. (ثُمَّ) إنْ كَانَ ذَكَرَهَا بَعْدَ فِعْلِ صَلَاةٍ حَاضِرَةٍ (أَعَادَ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ مِمَّا صَلَّى بَعْدَهَا) بَيَانٌ لِمَا، وَالضَّمِيرُ فِي وَقْتِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى الْفَرْضِ وَلِذَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ، وَالضَّمِيرُ فِي بَعْدَهَا عَلَى الْمَنْسِيَّةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ صَلَّى فَرِيضَةً فِي وَقْتِهَا الْحَاضِرِ، ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهَا فَائِتَةٌ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا وَهِيَ خَمْسُ أَوْ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْدَ صَلَاةِ تِلْكَ الْفَائِتَةِ إعَادَةُ تِلْكَ الْحَاضِرَةِ الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا مَا دَامَ وَقْتُهَا وَلَوْ الضَّرُورِيَّ لِحُصُولِ التَّرْتِيبِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ عَمَّا فَاتَهُ وَقْتُهُ فَلَا يُعَادُ، مِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَنْسَى الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَيُعِيدُ الصُّبْحَ إذَا كَانَ التَّذْكِيرُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِبَقَاءِ وَقْتِهَا، وَلَا يُعِيدُ الْعِشَاءَ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَغْرِبَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَقَطْ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمُعِيدُ إمَامًا فَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ صَلَاتَهُ خِلَافٌ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا إعَادَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّاجِحُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَادِلُ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَطَائِفَةٌ، وَقَيَّدْنَا الْفَائِتَةَ بِالْيَسِيرَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ صَلَّى حَاضِرَةً ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً كَثِيرَةً وَهِيَ سِتٌّ أَوْ خَمْسٌ فَإِنَّ الْحَاضِرَةَ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا، فَلَا يَتَأَتَّى إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ قَضَائِهَا فَافْهَمْ.
(تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الضَّرُورِيَّ.
قَالَ خَلِيلٌ فِي يَسِيرِ الْفَوَائِتِ مَعَ الْحَاضِرَةِ: فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا أَعَادَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست