responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 139
ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ يُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ وَيَعْرُكُهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَ يَدَيْهِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ثُمَّ يَغْسِلُ الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَيَبْلُغُ فِيهَا بِالْغَسْلِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ يُدَخِّلُهُمَا فِي غَسْلِهِ، وَقَدْ قِيلَ إلَيْهِمَا حَدُّ الْغَسْلِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إدْخَالُهُمَا فِيهِ وَإِدْخَالُهُمَا فِيهِ أَحْوَطُ لِزَوَالِ تَكَلُّفِ التَّحْدِيدِ،

ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَيُفْرِغُهُ عَلَى بَاطِنِ يَدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُوبًا وَلَا نَدْبًا (تَخْلِيلُهَا فِي الْوُضُوءِ فِي) مَشْهُورِ (قَوْلِ مَالِكٍ) بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ تَخْلِيلِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى سُقُوطِ تَخْلِيلِهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ كَثِيفَةً وَلَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى بَشَرَتِهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ» ، وَعَنْ مَالِكٍ: وُجُوبُ تَخْلِيلِهَا، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: اسْتِحْبَابُ تَخْلِيلِهَا، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْوُجُوبَ، قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالْقَوْلُ بِالِاسْتِحْبَابِ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ.
(وَ) إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ (أَنْ يُجْرِي عَلَيْهَا يَدَيْهِ بِالْمَاءِ) (مُنْتَهَيَا إلَى آخِرِهَا) وَإِنْ طَالَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيلُهَا فِي الْغَسْلِ قَوْلًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَلِّلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ» وَقَيَّدَ الْكَثِيفَةَ لِأَنَّ الْخَفِيفَةَ يَجِبُ تَخْلِيلُهَا حَتَّى فِي الْوُضُوءِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرَنَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّحْرِيكِ وَالتَّخْلِيلِ إذْ التَّحْرِيكُ ضَمُّ الشَّعْرِ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ مَعَ تَحْرِيكِهِ لِيُدَاخِلَهُ الْمَاءُ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْكَثِيفَةِ وَالْخَفِيفَةِ، وَالتَّخْلِيلُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ.
وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْخَفِيفَةِ وَالِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيكِ الْكَثِيفَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا حَلْقُ لِحْيَتِهَا لِأَنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّزَيُّنُ لِلرَّجُلِ، وَيُقَاسُ عَلَى شَعْرِ اللِّحْيَةِ الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَالشَّارِبُ، وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُجْرِي عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا.
قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ: لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ دُخُولِ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ فِي الْخِطَابِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَجْهٍ وَرَأَيْت شَيْخَ الْمَالِكِيَّةِ نُورَ الدِّينِ السَّنْهُورِيَّ وَهُوَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ يَفْعَلُهُ فَلَا أَدْرِيه لِوَرَعٍ أَوْ غَيْرِهِ انْتَهَى.
قَالَ الشَّاذِلِيُّ: قُلْت: وَرَدَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ» قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَمَا وَرَدَ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مَحْمُولٌ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى وُضُوءِ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا بِحَسَبِ اللَّفْظِ لَا يَعُمُّ كُلَّ وُضُوءٍ وَأَقُولُ: التَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ فَإِنْ ثَبَتَ عَنْ الشَّارِعِ فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا جَازَ.
(خَاتِمَةٌ) : قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي بِنُورِك يَوْمَ تُبَيِّضُ وُجُوهَ أَوْلِيَائِك، وَلَا تُسَوِّدْ وَجْهِي بِظُلُمَاتِك يَوْمَ تُسَوِّدُ وُجُوهَ أَعْدَائِك، إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

(ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ وَهُوَ أَوَّلُ الْفَرَائِضِ الْقُرْآنِيَّةِ يَنْتَقِلُ إلَى ثَانِيهَا وَهُوَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ (يَغْسِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ) وَصِفَةُ غَسْلِهَا أَنْ (يُفِيضَ عَلَيْهَا الْمَاءَ وَيَعْرُكَهَا) أَيْ يَدْلُكَهَا (بِيَدِهِ الْيُسْرَى) أَيْ بِبَاطِنِ كَفِّهَا مُبْتَدِئًا مِنْ أَوَّلِهَا كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ فِي غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يُخَلِّلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ) بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ إحْدَاهُمَا بَيْنَ أَصَابِعِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ أَدْخَلَ مِنْ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ.
وَلَا يُقَالُ: الْإِدْخَالُ مِنْ الْبَاطِنِ تَشْبِيكٌ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، لِأَنَّا نَقُولُ: الْكَرَاهَةُ فِي الصَّلَاةِ لَا فِي غَيْرِهَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِكَرَاهَةِ التَّشْبِيكِ حَتَّى فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالنَّهْيِ فِي الْوُضُوءِ، وَمَا أَدْرِي مَا رَدَّ بِهِ الشَّيْخُ عَلَى مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ التَّشْبِيكِ حَتَّى فِي الْوُضُوءِ مَعَ وُجُودِ هَذَا الْحَدِيثِ. (ثُمَّ) بَعْدَ غَسْلِ الْيُمْنَى (يَغْسِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى كَذَلِكَ) أَيْ كَالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي غَسْلِ الْيُمْنَى (وَيَبْلُغُ فِيهِمَا) وُجُوبًا (بِالْغَسْلِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَلَمَّا كَانَ الْمُغَيَّا بِإِلَى أَصْلُهُ الْخُرُوجُ وَهُوَ هُنَا دَاخِلٌ قَالَ: (يُدْخِلُهُمَا فِي غَسْلِهِ) وَهُوَ جَارٍ عَلَى قَاعِدَةِ اللُّغَوِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْغَايَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُغَيَّا تَدْخُلُ فِيهِ كَبِعْت الثَّوْبَ مِنْ طَرَفِهِ إلَى طَرَفِهِ فَيَدْخُلُ الطَّرَفَانِ بِخِلَافِ {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ فِي الْآيَةِ {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] غَايَةً إلَى الْمَغْسُولِ.
وَأَمَّا لَوْ جُعِلَ غَايَةً لِلْمَتْرُوكِ لَاسْتَقَامَ الْخُرُوجُ، وَلِتَقْدِيرِ: وَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَاتْرُكُوا مِنْ آبَاطِكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ، وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِ الْمِرْفَقَيْنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ نَافِعٍ وَأَشْهَبَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَقِيلَ يَنْتَهِي إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ (حَدُّ الْغَسْلِ) الْفَرْضُ (وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إدْخَالُهُمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْغَسْلِ (وَ) إنَّمَا (إدْخَالُهُمَا فِيهِ) أَيْ الْغَسْلِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ لِأَنَّهُ (أَحْوَطُ لِزَوَالِ تَكَلُّفِ التَّحْدِيدِ) وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِدْخَالُهُمَا إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ الْقِيلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: لِزَوَالِ تَكَلُّفِ التَّحْدِيدِ عِلَّةً لِسُقُوطِ وُجُوبِ غَسْلِ الْمِرْفَقَيْنِ لَا عِلَّةً

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست