responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 138
مِنْ حَدِّ عَظْمَاتِ لَحْيَيْهِ إلَى صُدْغَيْهِ

وَيُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى مَا غَارَ مِنْ ظَاهِرِ أَجْفَانِهِ وَأَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ مِنْ ظَاهِرِ أَنْفِهِ يَغْسِلُ وَجْهَهُ هَكَذَا ثَلَاثًا يَنْقُلُ الْمَاءَ إلَيْهِ

وَيُحَرِّكُ لِحْيَتَهُ فِي غَسْلِ وَجْهِهِ بِكَفَّيْهِ لِيُدَاخِلَهَا الْمَاءُ لِدَفْعِ الشَّعْرِ لِمَا يُلَاقِيه مِنْ الْمَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَخْلِيلُهَا فِي الْوُضُوءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَيُجْرِي عَلَيْهَا يَدَيْهِ إلَى آخِرِهَا

، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الطَّهَارَةِ الِابْتِدَاءُ بِأَوَّلِ الْأَعْضَاءِ، فَإِنْ ابْتَدَأَ مِنْ أَسْفَلِهَا أَجْزَأَهُ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا عَلَّمَ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُلِّمَ، وَالْجَبْهَةُ مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَى مَبْدَإِ الرَّأْسِ مِمَّا يُصِيبُ الْأَرْضَ فِي حَالِ السُّجُودِ، وَالْجَبِينَانِ مَا أَحَاطَ بِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَالْعَارِضَانِ صَفْحَتَا الْخَدِّ وَالْعُذْرَانِ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَارِضَيْنِ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: الْجَبْهَةُ وَالْجَبِينَانِ وَالْعَارِضَانِ وَالْعَنْفَقَةُ وَأَهْدَابُ الْعَيْنِ وَالشَّارِبُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْوَجْهِ، فَالشَّعْرُ الْكَثِيفُ يُغْسَلُ ظَاهِرُهُ وَلَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَقِيلَ يَجِبُ، وَمَا كَانَ خَفِيفًا يَجِبُ فِيهِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَهُوَ حَقِيقَةُ التَّخْلِيلِ (وَ) أَعْلَى الْجَبْهَةِ هُوَ (حَدُّ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ) الْمُعْتَادُ وَيَنْتَهِي الْغَسْلُ (إلَى طَرَفِ ذَقَنِهِ) وَالذَّقَنُ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْعَنْفَقَةِ وَهَذَا فِيمَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ لَهُ لِحْيَةٌ فَيُنْهِي غَسْلَهُ إلَى آخِرِ لِحْيَتِهِ وَلَوْ طَالَتْ (وَ) إلَى مُنْتَهَى (دَوَرِ وَجْهِهِ كُلِّهِ مِنْ حَدِّ عَظْمَاتِ لَحْيَيْهِ) وَهُوَ مَا تَحْتَ الْأَضْرَاسِ (إلَى) أَيْ مَعَ (صُدْغَيْهِ) .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَجْهَ حَدُّهُ طُولًا مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ أَوْ اللِّحْيَةِ، وَحَدُّهُ عَرْضًا مِنْ وَتَدِ الْأُذُنِ إلَى وَتَدِ الْأُذُنِ الْأُخْرَى، وَالْمُصَنِّفُ بَيَّنَ حَدِّهِ طُولًا بِقَوْلِهِ: مِنْ أَعْلَى الْجَبْهَةِ، إلَى طَرَفِ ذَقَنِهِ، وَعَرْضًا بِقَوْلِهِ: مِنْ حَدِّ عَظْمَاتِ لِحَيَّيْهِ إلَى صُدْغَيْهِ، فَهُوَ كَقَوْلِ خَلِيلٍ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَالذَّقَنِ، وَالصُّدْغَانِ تَثْنِيَةُ صُدْغٍ بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعَيْنِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا بَيَّنَّا، وَبِشَرْطِ الْمُعْتَادِ يَدْخُلُ الْأَغَمُّ وَيَخْرُجُ الْأَصْلَعُ، فَيَجِبُ عَلَى الْأَغَمِّ وَهُوَ مَا نَزَلَ شَعْرُ رَأْسَهُ عَنْ الْمَنْبَتِ الْمُعْتَادِ لِغَالِبِ النَّاسِ غَسَلَ مَا نَزَلَ عَنْ الْمَبْدَأِ الْمُعْتَادِ، وَيَسْقُطُ عَنْ الْأَصْلَعِ وَهُوَ مَنْ انْحَسَرَ شَعْرُ رَأْسِهِ خَارِجًا عَنْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ إدْخَالُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِيَتَحَقَّقَ اسْتِيعَابُ الْوَجْهِ، لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
(تَنْبِيهٌ) : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعِذَارَ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَارِضِ وَهُوَ صَفْحَةُ الْخَدِّ يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمُ مَا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْبَيَاضِ الْكَائِنِ فَوْقَ وَتَدِ الْأُذُنِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: وُجُوبُ غَسْلِهِ مُطْلَقًا، عَدَمُ وُجُوبِهِ مُطْلَقًا، الْوُجُوبُ عَلَى الْأَمْرِ وَعَدَمُهُ لِصَاحِبِ اللِّحْيَةِ، وَالرَّابِعُ سُنِّيَّةِ غَسْلِهِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهُوَ وُجُوبُ غَسْلِهِ مُطْلَقًا.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَا بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالصُّدْغِ بَعْضُهُ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَفَرْضُهُ الْمَسْحُ وَبَعْضُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَهُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ فَأَسْفَلَ فَيَجِبُ غَسْلُهُ، هَذَا حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمَشْغُولِ بِالشَّعْرِ، وَأَمَّا الْبَيَاضُ الْكَائِنُ فِيهِ فَمَا بَيْنَ الشَّعْرِ وَالْأُذُنِ مِمَّا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ وَفَوْقَ وَتَدِ الْأُذُنِ فَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ غَسْلَهُ سَنَةٌ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ. وَأَمَّا مَا نَزَلَ عَنْ الْعَظْمِ النَّاتِئِ مِمَّا تَحْتَ وَتَدِ الْأُذُنِ فَهَذَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَتَدَيْنِ لِتَحَقُّقِ الِاسْتِيعَابِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا وَعَرْضًا نَبَّهَ هُنَا عَلَى وُجُوبِ تَتَبُّعِ أَمَاكِنِ يَبْعُدُ عَنْهَا الْمَاءُ غَالِبًا بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى مَا غَار) أَيْ غَابَ (مِنْ ظَاهِرِ أَجْفَانِهِ) حَتَّى يَعُمَّهُ الْمَاءُ لَا دَاخِلَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنِ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يُمِرَّهُمَا عَلَى (أَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ) وَهِيَ التَّكَامِيشُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا عِنْدَ كِبَرِهِ غَالِبًا، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَ، وَإِلَّا وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ وَيَسْقُطُ الدَّلْكُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي وَجْهِهِ مَحَلٌّ غَائِرٌ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ وَدَلْكُهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فِي إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ.
(وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يُمِرَّهُمَا عَلَى مَا (تَحْتَ مَارِنِهِ مِنْ ظَاهِرِ أَنْفِهٍ) وَالْمَارِنُ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَاَلَّذِي تَحْتُهُ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْخِرَيْنِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْوَتْرَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَدْلُكْهَا بِيَدِهِ تَصِيرُ لُمْعَةً.
قَالَ خَلِيلٌ: فَيَضِلُّ الْوَتْرَةَ وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْغَسْلِ إيصَالُ الْمَاءِ مَعَ الدَّلْكِ، وَلَمَّا كَانَ الْغَسْلُ الْفَرْضُ يَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ بَيَّنَ مَا هُوَ الْأَكْمَلُ بِقَوْلِهِ: (يَغْسِلُ وَجْهَهُ هَكَذَا) أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ تَعْمِيمِ الْوَجْهِ بِالْمَاءِ وَإِمْرَارِ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (ثَلَاثًا) لَكِنْ الَّتِي تَعُمُّ الْعُضْوَ هِيَ الْفَرْضُ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّا بَعْدَهَا فَضِيلَةٌ فَيَعُمُّ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمُسْبِغَةِ فَضِيلَةٌ وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ الْمُحَقِّقَاتِ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي غَسْلَةٍ هَلْ هِيَ رَابِعَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ؟ فَفِي كَرَاهَتِهَا وَنَدْبِهَا قَوْلَانِ بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ الْمُحَقِّقَةِ فَفِي مَنْعِهَا وَكَرَاهَتِهَا قَوْلَانِ إلَّا لِنَحْوِ تَدَفٍّ أَوْ تَنَظُّفٍ، وَمَعْنَى (يَنْقُلُ الْمَاءَ إلَيْهِ) أَنَّهُ يُوَصِّلُهُ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ النَّقْلَ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا فِي الْمَسْحِ وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: يَغْسِلُ وَجْهَهُ.

(وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يُحَرِّكَ لِحْيَتَهُ) الْكَثِيفَةَ (فِي) حَالِ (غَسْلِ وَجْهِهِ بِكَفَّيْهِ لِيُدَاخِلَهَا الْمَاءَ) إذْ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَعُمَّهَا الْمَاءُ (لِدَفْعِ الشَّعْرِ لِمَا يُلَاقِيه مِنْ الْمَاءِ) وَلَمَّا كَانَ التَّحْرِيكُ غَيْرَ التَّخْلِيلِ قَالَ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ)

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست