responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 137
يَنْقُلُهُ إلَى وَجْهِهِ فَيُفْرِغُهُ عَلَيْهِ غَاسِلًا لَهُ بِيَدَيْهِ مِنْ أَعْلَى جَبْهَتِهِ وَحَدُّهُ مَنَابِتُ شَعْرِ رَأْسِهِ إلَى طَرَفِ ذَقَنِهِ وَدَوْرُ وَجْهِهِ كُلِّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ وَجَازَ أَوْ أَحَدُهُمَا بِغَرْفَةٍ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِمَرَّةٍ وَلَكِنْ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَأَنَّ الْأَحْسَنِيَّةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَالنِّهَايَةُ أَحْسَنُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالِاثْنَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا حُسْنَ فِيهَا الْكَرَاهَةُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَبَالَغَ مُفْطِرٌ وَحَقِيقَتُهَا إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقْصَى الْحَلْقِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ جَذْبُ الْمَاءِ لِأَقْصَى الْأَنْفِ، وَلِذَلِكَ كُرِهَتْ لِلصَّائِمِ خِيفَةَ أَنْ يَسْبِقَهُ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ.
الثَّانِي: لَا يُقَالُ كَانَ مُقْتَضَى قُوَّةِ الْفَرَائِضِ عَلَى السُّنَنِ تَقْدِيمَهَا عَلَى السُّنَنِ فَلِمَاذَا قُدِّمَتْ السُّنَنُ عَلَى الْفَرَائِضِ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا قُدِّمَتْ تِلْكَ السُّنَنُ عَلَى الْفَرَائِضِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَاءِ لِأَنَّ بِتَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ يُعْرَفُ لَوْنُ الْمَاءِ، وَبِالْمَضْمَضَةِ يُعْرَفُ حَالُ طَعْمِ الْمَاءِ، وَبِالِاسْتِنْشَاقِ يُعْرَفُ رِيحُ الْمَاءِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ فِعْلِ الْفَرَائِضِ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ) بَعْدَ الِاسْتِنْثَارِ (يَأْخُذُ الْمَاءَ إنْ شَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ) يَأْخُذُهُ (بِيَدِهِ الْيُمْنَى) لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا أَسْهَلُ (فَيَجْعَلُهُ) أَيْ يُصَيِّرُهُ (فِي يَدَيْهِ جَمِيعًا ثُمَّ) بَعْدَ تَفْرِيغِهِ فِي يَدَيْهِ (يَنْقُلُهُ إلَى وَجْهِهِ فَيُفْرِغُهُ عَلَيْهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (غَاسِلًا لَهُ) أَيْ لِوَجْهِهِ أَيْ دَالِكًا لَهُ (بِيَدَيْهِ) إنْ قَدَرَ وَإِلَّا اسْتَنَابَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْغَسْلِ، وَهَذِهِ هِيَ الْفَرِيضَةُ الْأُولَى مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ غَسْلُ الْوَجْهِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ الدَّلْكِ لِلصَّبِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ الْمُقَارَنَةُ، وَالْمُرَادُ بِيَدَيْهِ بَاطِنُ كَفَّيْهِ لِأَنَّ الدَّلْكَ فِي الْوُضُوءِ إنَّمَا يَكُونُ بِهِمَا، فَلَا يُجْزِي الدَّلْكُ بِظَاهِرِ كَفِّهِ وَلَا بِمِرْفَقِهِ مَعَ إمْكَانِهِ بِبَاطِنِ كَفِّهِ، وَأَحْرَى غَيْرُهُمَا إلَّا فِي دَلْكِ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ بِالْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَيَّدْنَا بِالْوُضُوءِ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَجُوزُ فِيهِ دَلْكُ الْأَعْضَاءِ بِبَعْضِهَا.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: يَنْقُلُهُ إلَى وَجْهِهِ شَرْطِيَّةُ نَقْلِ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا الشَّرْطُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ، وَلِذَا لَوْ غَسَلَ عُضْوًا مِنْ الْمَطَرِ عِنْدَ نُزُولِهِ أَوْ مِنْ مَاءِ الْمِيزَابِ لَكَفَى، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ النَّقْلُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إذَا أُرِيدَ مَسْحُهُ، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ غَسْلَهُ نِيَابَةً عَنْ مَسْحِهِ لَكَانَ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ.
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلِ الْمَاءِ إلَى مَسْحِ الرَّأْسِ، فَلَوْ نَزَلَ عَلَى رَأْسِهِ مَطَرٌ يَسِيرٌ وَمَسَحَ بِهِ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَمَّا لَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ فَلَا يَجِبُ نَقْلُ الْمَاءِ إلَى الْغَسْلِ، بَلْ لَوْ نَزَلَ عَلَى رَأْسِهِ مَطَرٌ كَثِيرٌ فَغَسَلَ رَأْسَهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النَّقْلَ لِلْمَسْحِ لَا لِلْغَسْلِ، وَمِنْ النَّقْلِ مُلَاقَاةُ الْمَطَرِ بِيَدِهِ ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: يُفْرِغُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ الْمَاءَ مِنْ يَدِهِ وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِبَلَلِ يَدَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِهِ يُفْرِغُهُ أَنَّهُ لَا يَلْطِمُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ بِقُوَّةٍ كَمَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِنْ أَجْزَأَ حَيْثُ عَمَّ، وَفَسَّرْنَا الْغُسْلَ بِالدَّلْكِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الدَّلْكَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ حَتَّى يُسَمَّى الْفِعْلُ غَسْلًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي حَقِيقَةِ الْغَسْلِ عِنْدَ مَالِكٍ أَخَذًا مِنْ «قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: وَادْلُكِي جَسَدَكِ بِيَدِك» وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.
الثَّانِي: أَفْهَمَ قَوْلُهُ بِيَدَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُوَضِّئَ نَفْسَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ عَلَى الدَّلْكِ فَقَطْ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَيَجُوزُ، بَلْ يَجِبُ عَلَى نَحْوِ الْأَقْطَعِ اسْتِنَابَةُ مَنْ يُوَضِّئُهُ أَوْ يَدْلُكُ لَهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ وَالنِّيَّةُ مِنْ الْمُسْتَنِيبِ، فَلَوْ اسْتَنَابَ عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ عَلَى الدَّلْكِ اخْتِيَارًا فَقَوْلَانِ: الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ إجْزَاءِ الِاسْتِنَابَةِ عَلَى صَبِّ الْمَاءِ فَيَجُوزُ.
الثَّالِثُ: لَوْ أُكْرِهَ شَخْصٌ عَلَى فِعْلِ الْوُضُوءِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا يُجْزِئُهُ هَذَا الْوُضُوءُ لِعَقْدِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا إنْ اسْتَطَاعَ الْمُخَالَفَةَ وَفَعَلَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ أَجْزَأَهُ حَيْثُ وُجِدَتْ النِّيَّةُ، كَمَا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا نَوَى فِعْلَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُخَالَفَةِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الدَّلْكُ وَاقِعًا مِنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّلْكُ وَاقِعًا مِنْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِيهِ لَا تَصِحُّ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَكَوْنِهِ ذَا آفَةٍ أَوْ عَلِيلًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَكْرَهَ شَخْصٌ شَخْصًا عَلَى تَرْكِ الدَّلْكِ وَمَكَّنَهُ مِنْ فِعْلِ الْوُضُوءِ، وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ صِحَّةُ وُضُوئِهِ لِأَنَّ الدَّلْكَ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ.
الرَّابِعُ: لَوْ وَكَّلَ جَمَاعَةً لِعُذْرٍ فَوُضُوءُهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً لَصَحَّ وُضُوءُهُ حَيْثُ نَوَاهُ لِعَدَمِ فَرْضِيَّةِ التَّرْتِيبِ عِنْدَنَا عَلَى الْمَذْهَبِ، إلَّا أَنَّهُ تَنْكِيسٌ حُكْمًا فَيُسَنُّ إعَادَةُ الْمُنَكَّسِ مَعَ مَا بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ وَحْدَهُ مَعَ الْبُعْدِ لِأَجْلِ سُنِّيَّةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ فَيُعَادُ الْمُنَكَّسُ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيغُ الْمَاءِ وَالْغَسْلُ (مِنْ أَعْلَى جَبْهَتِهِ) لِيَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى جَمِيعِ الْوَجْهِ،

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست