responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
فَيَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُمَضْمِضُ فَاهُ ثَلَاثًا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ شَاءَ أَوْ ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ

وَإِنْ اسْتَاكَ بِأُصْبُعِهِ فَحَسَنٌ،

ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأَنْفِهِ الْمَاءَ وَيَسْتَنْثِرُهُ ثَلَاثًا يَجْعَلُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَامْتِخَاطِهِ وَيُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَلَهُ جَمْعُ ذَلِكَ فِي غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالنِّهَايَةُ أَحْسَنُ.

ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ إنْ شَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَيَجْعَلُهُ فِي يَدَيْهِ جَمِيعًا ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ) حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا سَابِقًا (ثَلَاثًا) تَعَبُّدًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ، وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ كُلِّ يَدٍ عَلَى حِدَتِهَا وَيَدْلُكُهَا وَيُخَلِّلُهَا كَغَسْلِ الْفَرْضِ، وَهَذَا الَّذِي يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ هُوَ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الِاسْتِنْجَاءَ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَ قَدْ بَال أَوْ تَغَوَّطَ) أَوْ أَمَذْي (غَسَلَ ذَلِكَ) الْمَخْرَجَ (مِنْهُ) قَبْلَ غَسْلِ يَدَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ غَسْلِ الْأَذَى الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ (تَوَضَّأَ) أَيْ يَغْسِلُ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ قَبْلَ إدْخَالَهُمَا فِي الْإِنَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا سَابِقًا، فَالْمُرَادُ الْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يَشْرَعُ يَتَوَضَّأُ. (ثُمَّ) بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ (يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لِيَأْخُذَ الْمَاءَ فَيُمَضْمِضُ فَاهُ) بِهِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (ثَلَاثًا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ شَاءَ أَوْ مِنْ ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الرَّاجِحُ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَفْضَلُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالنِّهَايَةُ أَحْسَنُ، وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَغْرُوفِ مِنْهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ

وَلَمَّا كَانَ يُسْتَحَبُّ أَوْ يُسَنُّ الِاسْتِيَاكُ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ قَالَ: (وَإِنْ اسْتَاك بِأُصْبُعِهِ فَحَسَنٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا قُلْنَا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاسْتِيَاكُ بِغَيْرِ الْأُصْبُعِ عِنْدَ وُجُودِ الْغَيْرِ، وَاسْتَظْهَرَ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِحَثِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَيَسْتَاكُ عِنْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا، وَكَمَا يُطْلَبُ عِنْدَ الْوُضُوءِ يُطْلَبُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنْ النَّوْمِ وَعِنْدَ كَثْرَةِ الْكَلَامِ، بَلْ يَتَأَكَّدُ طَلَبُهُ وَصِفَتُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوَّلًا طُولًا فِي اللِّسَانِ وَعَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ، وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَاكُ بِهِ الْأَرَاكُ كَانَ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا إلَّا فِي حَقِّ الصَّائِمِ فَيُكْرَهُ لَهُ الْأَخْضَرُ وَلَا يَسْتَاكُ بِعُودِ الرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ لِتَحْرِيكِهِمَا عِرْقَ الْجُذَامِ، وَلَا بِالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْأَكْلَةَ وَالْبَرَصَ، وَلَا بِعُودِ الشَّعِيرِ وَالْحَلْفَاءِ وَلَا بِالْمَجْهُولِ مَخَافَةَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُحَذَّرِ مِنْهُ، وَيَسْتَاكُ لَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلَا فِي مَسْجِدٍ خِيفَةَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ أَسْنَانِهِ وَقَدْرُهُ شِبْرٌ لَا أَزْيَدُ فَإِنَّ الزَّائِدَ يَرْكَبُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ تَطْيِيبُ رَائِحَةِ الْفَمِ لِلْمَلَكِ لِأَنَّهُ يَدْنُو مِنْ فَمِ الشَّخْصِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ، وَلِأَنَّهُ يُذْهِبُ حُفَرَ الْأَسْنَانِ وَيَجْلُو الْبَصَرَ وَيَشُدُّ اللَّثَةَ وَيُنَقِّي بِالْبَلْغَمِ وَيُرْضِي الرَّبَّ وَيَزِيدُ فِي حَسَنَاتِ الصَّلَاةِ وَيَصِحُّ بِهِ الْجَسَدُ وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ عَكْسَ الْحَشِيشَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ حُكْمَهُ الْأَصْلِيَّ النَّدْبُ أَوْ السُّنَّةُ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَإِزَالَةِ مَا يُوجِبُ بَقَاؤُهُ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَوْلَاهُ، وَقَدْ تَعْرِضْ حُرْمَتُهُ كَالِاسْتِيَاكِ بِالْجَوْزِ فِي زَمَنِ الصَّوْمِ، وَقَدْ تَعْرِضُ كَرَاهَتُهُ كَالِاسْتِيَاكِ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ لِلصَّائِمِ، وَيَكُونُ مُبَاحًا بَعْدَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ

(ثُمَّ) بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ يُسَنُّ أَنْ (يَسْتَنْشِقَ بِأَنْفِهِ الْمَاءَ) أَيْ يُدْخِلُهُ فِيهِ وَيَجْذِبُهُ بِنَفَسِهِ إلَى دَاخِلِ أَنْفِهِ (وَ) يُسَنُّ أَنْ (يَسْتَنْثِرَهُ) أَيْ يَطْرَحَهُ بِنَفَسِهِ إلَى خَارِجِ أَنْفِهِ (ثَلَاثًا) رَاجِعٌ لِلِاسْتِنْشَاقِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِنْثَارَ كَذَلِكَ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ فِي حَالِ الِاسْتِنْثَارِ أَنْ (يَجْعَلَ يَدَهُ) أَيْ إبْهَامَهُ وَسَبَّابَتَهُ مِنْ يُسْرَاهُ (عَلَى أَنْفِهِ كَامْتِخَاطِهِ) أَيْ كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ مَسْكُ أَنْفِهِ بِيُسْرَاهُ فِي حَالِّ امْتِخَاطِهِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ وَالصِّفَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَنْثِرَ أَوْ يَمْتَخِطَ مِنْ غَيْرِ وَضْعِ يَدِهِ أَوْ مَعَ وَضْعِ يُمْنَاهُ مَعَ وُجُودِ يُسْرَاهُ لِأَنَّهُ كَامْتِخَاطِ الْحِمَارِ، وَقِيلَ: إنَّ الْوَضْعَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ يَكُونَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ لَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ فَقَالَ: (وَيُجْزِئُهُ) فِي حُصُولِ السُّنَّةِ (أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ فِيهِمَا إلَّا بِالثَّلَاثِ وَهُوَ ظَاهِرُ خَلِيلٍ وَالْحَدِيثِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى حُصُولِ السُّنَّةِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ الْإِجْزَاءُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ أَنَّ الْأَفْضَلَ الثَّلَاثُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ ثَلَاثٌ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ حَتَّى بِمَرَّةٍ وَالتَّثْلِيثُ مُسْتَحَبٌّ، وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الثَّلَاثَ أَفْضَلُ، بَيَّنَ هُنَا كَوْنَ الْأَفْضَلِ فِعْلَ الثَّلَاثِ مِنْ غَرْفَةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ جَمْعُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (فِي غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ) يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا عَلَى الْوَلَاءِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ مِنْهَا مَرَّةً ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً وَهَكَذَا، وَلَكِنَّ الصِّفَةَ الْأُولَى أَفْضَلُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّنْكِيسِ.
(وَ) لَكِنَّ (النِّهَايَةَ أَحْسَنُ) أَيْ أَفْضَلُ وَهِيَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ مِنْ ثَلَاثٍ وَيَسْتَنْشِقَ مِنْ ثَلَاثٍ،

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست