responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 299
الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ يُبْطِلُهُ كَمَهْرِ الْمِثْلِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: الزِّيَادَةُ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ قُلْنَا: الزِّيَادَةُ عَلَى الْمَهْرِ لَا تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا وُجِدَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْ الْعَقْدِ حَقِيقَةً، وَإِلْحَاقُ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْعَقْدِ بِالْعَقْدِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا لِحَاجَةٍ، وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْبَيْعِ؛ لِكَوْنِهِ عَقْدَ مُعَايَنَةٍ وَمُبَادَلَةَ الْمَالِ بِالْمَالِ فَتَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى الزِّيَادَةِ دَفْعًا لِلْخُسْرَانِ، وَلَيْسَ النِّكَاحُ عَقْدَ مُعَايَنَةٍ وَلَا مُبَادَلَةَ الْمَالِ بِالْمَالِ وَلَا يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْخُسْرَانِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَغْيِيرِ الْحَقِيقَةِ.
وَأَمَّا النَّصُّ فَالْمُرَادُ مِنْهُ الْفَرْضُ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ} [النساء: 24] فَدَلَّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَهْرِ، فَالْمَهْرُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَالزِّيَادَةُ لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْأَصْلِ وَإِمَّا إنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ، وَالْمُتَّصِلَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَوَلَّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَالْكِبَرِ وَالْجَمَالِ وَالْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَالنُّطْقِ، كَانْجِلَاءِ بَيَاضِ الْعَيْنِ وَزَوَالِ الْخَرَسِ وَالصَّمَمِ، وَالشَّجَرِ إذَا أَثْمَرَ وَالْأَرْضِ إذَا زُرِعَتْ أَوْ غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ مِنْهُ كَالثَّوْبِ إذَا صُبِغَ وَالْأَرْضِ إذَا بُنِيَ فِيهَا بِنَاءٌ.
وَكَذَا الْمُنْفَصِلَةُ لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالْوَبَرِ وَالصُّوفِ إذَا جُزَّ وَالشَّعْرِ إذَا أُزِيلَ وَالثَّمَرِ إذَا جُدَّ وَالزَّرْعِ إذَا حُصِدَ أَوْ كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ مِنْهُ وَلَا فِي حُكْمِ الْمُتَوَلَّدِ كَالْهِبَةِ وَالْكَسْبِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَوَلَّدَةً مِنْ الْأَصْلِ أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَوَلِّدِ فَهِيَ مَهْرٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْأَصْلِ أَوْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ جَمِيعًا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ لِكَوْنِهَا نَمَاءَ الْأَصْلِ، وَالْأَرْشُ بَدَلُ جُزْءٍ هُوَ مَهْرٌ فَلْيَقُمْ مَقَامَهُ، وَالْعُقْرُ بَدَلُ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَوَلَّدِ مِنْ الْمَهْرِ، فَإِذَا حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلِلْقَبْضِ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ فَكَانَ وُجُودُهَا عِنْدَ الْقَبْضِ كَوُجُودِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَكَانَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِمَهْرٍ لَا مَقْصُودًا وَلَا تَبَعًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَوَلَّدْ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا تَكُونُ مَهْرًا فَلَا تَتَنَصَّفُ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُ الْأَصْلِ بِدُونِ تَنْصِيفِ الزِّيَادَةِ فَامْتَنَعَ التَّنْصِيفُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا بِالزِّيَادَةِ صَارَتْ قَابِضَةً لِلْأَصْلِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ حُكِمَ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأَصْلِ فَالزِّيَادَةُ لَيْسَتْ بِمَهْرٍ، وَهِيَ كُلُّهَا لِلْمَرْأَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا تَتَنَصَّفُ وَيَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ هِيَ مَهْرٌ فَتَتَنَصَّفُ مَعَ الْأَصْلِ.
(وَوَجْهُ) قَوْلِهِمَا: أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ فَكَانَتْ تَابِعَةً لِلْأَصْلِ فَتَتَنَصَّفُ مَعَ الْأَصْلِ كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَالْوَلَدِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِمَهْرٍ لَا مَقْصُودًا وَلَا تَبَعًا، أَمَّا مَقْصُودًا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَا وَرَدَ عَلَيْهَا مَقْصُودًا.
وَكَذَا هِيَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِمِلْكِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِتَمَلُّكِ الْجَارِيَةِ الْهِبَةَ لَهَا.
وَأَمَّا تَبَعًا؛ فَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَوَلَّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَدَلَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَهْرٍ لَا قَصْدًا وَلَا تَبَعًا، وَإِنَّمَا هِيَ مَالُ الْمَرْأَةِ فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ أَمْوَالِهَا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ الْمَهْرِ فَكَانَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ فَتَتَنَصَّفُ كَمَا يَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ.
وَلَوْ آجَرَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ بِأَمْوَالٍ مُتَقَوِّمَةٍ بِأَنْفُسِهَا عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا تَأْخُذُ حُكْمَ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ بِالْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ صَدَرَ مِنْ الزَّوْجِ فَكَانَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ كَالْغَاصِبِ إذَا آجَرَ الْمَغْصُوبَ، وَيُتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ حَصَلَ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ الْخَبَثُ فَكَانَ سَبِيلُهُ التَّصَدُّقَ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَحَدَثَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ أَيْ: قَبْلَ الْفُرْقَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلَّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ سَلَّمَهُ إلَيْهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تَمْنَعُ وَيَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] جَعَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ فَرْضُ نِصْفِ الْمَفْرُوضِ فَمَنْ جَعَلَ فِيهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَفْرُوضِ فَقَدْ خَالَفَ النَّصَّ، وَإِذَا وَجَبَ تَنْصِيفُ أَصْلِ الْمَفْرُوضِ وَلَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُهُ إلَّا بِتَنْصِيفِ الزِّيَادَةِ فَيَجِبُ تَنْصِيفُ الزِّيَادَةِ ضَرُورَةً، وَلِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست