responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 298
أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْأَقَلُّ فَيَتَنَصَّفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَتَّى فَسَدَ الشَّرْطُ التَّالِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَهَا نِصْفُ الْأَقَلِّ لِمَا قُلْنَا.
وَعِنْدَهُمَا الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ فَأَيُّهُمَا وُجِدَ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ مَا سَمَّى وَتَمَامُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ تَسْمِيَةٌ لِلْعَشَرَةِ عِنْدَنَا فَكَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَتَمَامِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَتْهُ فَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فِي الذِّمَّةِ فَقَبَضَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِهَا فَطَلَّقَهَا فَعَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَتْ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِالْعَقْدِ فَلَا يَكُنْ وَاجِبًا بِالْفَسْخِ.
وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ زُفَرَ فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَتَتَعَيَّنُ بِالْفَسْخِ فَعَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ عَيْنِ الْمَقْبُوصِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَسَطًا أَوْ ثَوْبًا وَسَطًا فَسَلَّمَهُ إلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَعَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا مِثْلَ لَهُ، وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّهُ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ فِي الذِّمَّةِ وَتَحَمَّلَتْ الْجَهَالَةَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، فَإِذَا تَعَيَّنَ بِالْقَبْضِ كَانَ إيجَابُ نِصْفِ الْعَيْنِ أَعْدَلَ مِنْ إيجَابِ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فَوَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ عَيْنِ الْمَقْبُوضِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فَقَبَضَتْهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ لِمَا نَذْكُرُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى وَرَدَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ عَيْنًا بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا مُشَارًا إلَيْهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ كَالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَسَائِرِ الْأَعْيَانِ فَلَا يَخْلُو إمَّا إنْ كَانَ بِحَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ وَإِمَّا إنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَإِنْ كَانَ بِحَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا عَادَ الْمِلْكُ فِي النِّصْفِ إلَيْهِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِلْعَوْدِ إلَيْهِ إلَى الْفَسْخِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْهَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَهْرُ أَمَةً فَأَعْتَقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْفَسْخِ وَالتَّسْلِيمِ يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فِي نِصْفِهَا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا لَا يَعُودُ الْمِلْكُ فِي النِّصْفِ إلَيْهِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ وَلَا يَنْفَسِخُ مِلْكُهَا فِي النِّصْفِ حَتَّى يَفْسَخَهُ الْحَاكِمُ أَوْ تُسَلِّمَهُ الْمَرْأَةُ.
وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الزِّيَادَاتِ وَزَادَ عَلَيْهِ الْفَسْخَ مِنْ الزَّوْجِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: (قَدْ فَسَخْت) هَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ مِلْكُهَا فِي النِّصْفِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَهْرُ أَمَةً فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ الْفَسْخِ وَالتَّسْلِيمِ جَازَ إعْتَاقُهَا فِي جَمِيعِهَا، وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الزَّوْجِ فِيهَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ إعْتَاقُهَا إلَّا فِي النِّصْفِ وَيَجُوزُ إعْتَاقُ الزَّوْجِ فِي نِصْفِهَا.
(وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْعَوْدِ هُوَ الطَّلَاقُ، وَقَدْ وُجِدَ فَيَعُودُ مِلْكُ الزَّوْجِ كَالْبَيْعِ إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ يَعُودُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِنَفْسِ الْفَسْخِ كَذَا هَذَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا: أَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ انْفَسَخَ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ بَقِيَ الْقَبْضُ بِالتَّسْلِيطِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ وَأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ عِنْدَنَا فَكَانَ سَبَبُ الْمِلْكِ قَائِمًا، فَكَانَ الْمِلْكُ قَائِمًا فَلَا يَزُولُ إلَّا بِالْفَسْخِ مِنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ سَبَبَ الْمِلْكِ أَوْ بِتَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا نَقْضٌ لِلْقَبْضِ حَقِيقَةً أَوْ بِفَسْخِ الزَّوْجِ عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بِسَبِيلٍ مِنْ فَسْخِ عَقْدِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَقَبَضَ الْعَبْدَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْجَارِيَةَ حَتَّى هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِهِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْجَارِيَةِ وَيَبْقَى الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ الْمَقْبُوضِ إلَى أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، كَأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ كَذَا هَذَا؛ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلٌ يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ مِلْكًا مُطْلَقًا فَلَا يَنْفَسِخُ الْمِلْكُ فِيهِ بِفِعْلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ كَالثَّمَنِ فِي بَابِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ مِلْكًا مُطْلَقًا هَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ بِحَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ.
فَأَمَّا إذَا زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ فِي الْمَهْرِ أَوْ عَلَى الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمَهْرِ بِأَنْ سَمَّى الزَّوْجُ لَهَا أَلْفًا ثُمَّ زَادَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ مِائَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ وَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهَا نِصْفَ الْأَلْفِ وَنِصْفَ الزِّيَادَةِ أَيْضًا.
(وَجْهُ) رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَالزِّيَادَةُ مَفْرُوضَةٌ فَيَجِبُ تَنْصِيفُهَا فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ فِي بَابِ الْبَيْعِ، وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا فَيَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْأَصْلِ.
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ حَقِيقَةً، وَمَا لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ فَوُرُودُ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست