responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 300
تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ بِهِ، وَالْأَصْلُ مَهْرٌ فَكَذَا الزِّيَادَةُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ مَحْضَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ بِالِانْفِصَالِ صَارَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ مَهْرًا وَبِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فِي الْهِبَةِ أَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ وَالِاسْتِرْدَادِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَيْسَ بِثَابِتٍ بِيَقِينٍ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ فَلَا يُمْكِنُ إلْحَاقُ الزِّيَادَةِ بِحَالَةِ الْعَقْدِ فَتَعَذَّرَ إيرَادُ الْفَسْخِ عَلَيْهَا فَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا: أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا عِنْدَ مَا لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ وَهُوَ الْقَبْضُ فَلَا يَكُونُ لَهَا حُكْمُ الْمَهْرِ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِيهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالْعَقْدُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ أَصْلًا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ نَقَضَ الْعَقْدَ، فَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ نِصْفَ الْأَصْلِ مَعَ نِصْفِ الزِّيَادَةِ أَوْ بِدُونِ الزِّيَادَةِ لَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ رَدُّ الْأَصْلِ بِدُونِ رَدِّ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ لِعَدَمِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَانَ أَخْذُ الزِّيَادَةِ مِنْهَا أَخْذَ مَالٍ بِلَا عِوَضٍ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الرِّبَا؛ وَيَجِبُ نِصْفُ قِيمَةِ الْمَفْرُوضِ لَا نِصْفُ الْمَفْرُوضِ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْهَالِكِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْمَفْرُوضِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَفْرُوضِ الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الْأَثْمَانُ دُونَ السِّلَعِ، وَالْأَثْمَانُ لَا تَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فِي الْبَيْعِ إذَا اخْتَلَفَا أَنَّهَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَمْنَعُ وَلَوْ هَلَكَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّنْصِيفِ قَدْ ارْتَفَعَ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ، وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلَّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَعَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ قِيمَةِ الْأَصْلِ إلَى الزَّوْجِ وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَمْنَعُ وَيَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَهِيَ لَهَا خَاصَّةً وَالْأَصْلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَجْهُ) قَوْلِ زُفَرَ: أَنَّ الزِّيَادَةَ تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَلَّدَةٌ مِنْهُ فَتَتَنَصَّفُ مَعَ الْأَصْلِ كَالزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَلَنَا) أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا عِنْدَ الْقَبْضِ فَلَمْ تَكُنْ مَهْرًا، وَالْفَسْخُ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى مَا لَهُ حُكْمُ الْمَهْرِ فَلَا تَتَنَصَّفُ وَتَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمَرْأَةِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُ الْأَصْلِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ، وَهُوَ رَدُّ نِصْفِ الْجَارِيَةِ بِدُونِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَصِيرُ لَهَا فَضْلُ أَصْلِ فَسْخِ الْعَقْدِ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا تُبَدَّلَ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ، وَذَلِكَ وَصْفُ الرِّبَا وَأَنَّهُ حَرَامٌ فَإِذَا تَعَذَّرَ تَنْصِيفُ الْمَفْرُوضِ لِمَكَانِ الرِّبَا يُجْعَلُ الْمَفْرُوضُ كَالْهَالِكِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ كَوْنِهِ مَعْجُوزَ التَّسْلِيمِ إلَى الزَّوْجِ بِمَنْزِلَةِ الْهَالِكِ فَيَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِيَزُولَ مَعْنَى الرِّبَا، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَعْدَمَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لَهَا وَعَلَيْهَا رَدُّ قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ قَبَضَتْ كَذَا ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَرُدُّ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الرِّدَّةِ وَالتَّقْبِيلِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ فَقَالَ فِي الطَّلَاقِ: تَرُدُّ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَصْلِ، وَفِي الرِّدَّةِ وَالتَّقْبِيلِ تَرُدُّ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ جَمِيعًا.
(وَوَجْهُ) الْفَرْقِ أَنَّ الرِّدَّةَ وَالتَّقْبِيلَ فَسْخُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ، وَجَعْلُ إيَّاهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَصَارَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ حَتَّى وَلَدَتْ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا؛ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ بِمَوْتِ الْعَبْدِ فِي يَدِ بَائِعِهِ كَذَا هَذَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ إطْلَاقٌ وَحَلٌّ لِلْعَقْدِ وَلَيْسَ بِفَسْخٍ فَيَنْحَلُّ الْعَقْدُ وَتَطْلُقُ أَوْ يَرْتَفِعُ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ لَا مِنْ الْأَصْلِ.
(وَجْهُ) ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا أَعْنِي الطَّلَاقَ وَالرِّدَّةَ يَعُودُ سَلِيمًا إلَى الْمَرْأَةِ كَمَا كَانَ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ طَلَاقٌ مِنْ وَجْهٍ وَفَسْخٌ مِنْ وَجْهٍ، فَأَوْجَبَ عَوْدَ نِصْفِ الْبَدَلِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَالرِّدَّةُ وَالتَّقْبِيلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُوجِبُ عَوْدَ الْكُلِّ إلَى الزَّوْجِ هَذَا كُلُّهُ إذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الطَّلَاقِ.
فَأَمَّا إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِأَنْ طَلَّقَهَا، ثُمَّ حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ، وَإِمَّا أَنْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَالْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ سَوَاءٌ وُجِدَ الْقَضَاءُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وُجِدَ الطَّلَاقُ عَادَ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ وَصَارَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ عَلَى

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست