responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 251
فَأَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي حَتَّى نَادَى صَلُّوا عَلَى رَوَاحِلِكُمْ، فَنَزَلَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَطَلَبَ مَوْضِعًا يُصَلِّي فِيهِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُ، فَلَمَّا أَقْبَلَ إلَيْهِ فَقَالَ: أَمَا إنَّهُ يَأْتِيكُمْ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ قَالَ: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا أَمَرْتُ بِهِ أَمَا لَكَ فِي أُسْوَةٌ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ تَسْعَى فِي رَقَبَةٍ قَدْ فُكَّتْ، وَأَنَا أَسْعَى فِي رَقَبَةٍ لَمْ يَظْهَرْ فِكَاكُهَا، قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنَّهُ يَأْتِيكُمْ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إنِّي لَأَرْجُو عَلَى هَذَا أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى» فَقَدْ جَوَّزَ لَهُمْ الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ النُّزُولِ بِسَبَبِ الْمَطَرِ فَكَذَلِكَ بِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنْ سُبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ، وَلِأَنَّ مَوَاضِعَ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ.

قَالَ: (وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ رَكِبَ فَأَتَمَّهَا رَاكِبًا لَمْ تُجْزِهِ، وَلَوْ افْتَتَحَهَا رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ فَأَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ) قِيلَ؛ لِأَنَّ النُّزُولَ عَمَلٌ يَسِيرٌ وَالرُّكُوبُ عَمَلٌ كَثِيرٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ عَادَةً، وَفِي النُّزُولِ يَجْعَلُ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ فَيَنْزِلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى مُعَالَجَةٍ، وَقِيلَ: إذَا افْتَتَحَ عَلَى الْأَرْضِ فَلَوْ أَتَمَّهَا رَاكِبًا كَانَ دُونَ مَا شَرَعَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِيهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَالْإِيمَاءُ دُونَ ذَلِكَ، وَالرَّاكِبُ إذَا نَزَلَ يُؤَدِّيهَا أَتَمَّ مِمَّا شَرَعَ فِيهَا بِالْإِيمَاءِ وَيُؤَدِّيهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَعَنْ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِمَا جَمِيعًا يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ افْتِتَاحُ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ فَالْإِتْمَامُ أَوْلَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِمَا جَمِيعًا يَسْتَقْبِلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَنَى بَعْدَ النُّزُولِ كَانَ هَذَا بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَالْمَرِيضِ الْمُومِئِ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَرْقٌ فَقَالَ: هُنَاكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَكَذَلِكَ إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ لَا يَبْنِي وَبَيَّنَّا لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَقُدْرَتُهُ عَلَى ذَلِكَ بِالنُّزُولِ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ.

قَالَ: (وَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّاهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ) اعْتِبَارًا بِمَا يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَ تِلَاوَةً عَلَى الْأَرْضِ فَسَجَدَهَا عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ لَمْ تُجْزِهِ؛ لِأَنَّهَا لَزِمَتْهُ بِالسُّجُودِ بِالسَّمَاعِ عَلَى الْأَرْضِ حَيْثُ سَمِعَهَا قَبْلَ الرُّكُوبِ وَلَوْ سَمِعَهَا وَهُوَ رَاكِبٌ فَسَجَدَهَا بِالْإِيمَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا لَوْ الْتَزَمَهَا وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا أَتَمَّ مِمَّا الْتَزَمَهَا.

قَالَ: (رَجُلَانِ فِي مَحَلٍّ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فِي التَّطَوُّعِ أَجْزَأَهُمَا) كَمَا لَوْ كَانَا عَلَى الْأَرْضِ إذْ لَيْسَ بَيْنَ الْمُقْتَدِي وَالْإِمَامِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَأْتَمَّ إذَا كَانَ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست