responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 252
دَابَّةٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ طَرِيقًا، وَالطَّرِيقُ الْعَظِيمُ بَيْنَ الْمُقْتَدِي وَالْإِمَامِ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَجُوزَ اقْتِدَاؤُهُ بِالْإِمَامِ إذَا كَانَتْ دَابَّتُهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ دَابَّةِ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ الْفُرْجَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ إلَّا بِقَدْرِ الصَّفِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ: (وَنِيَّةُ اللَّاحِقِ لِلْإِقَامَةِ - وَهُوَ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَقَدْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ - سَاقِطَةٌ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ)؛ لِأَنَّهُ فِيمَا يُتِمُّ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ فَنِيَّتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَنِيَّةِ إمَامِهِ، وَنِيَّةُ الْإِمَامِ لِلْإِقَامَةِ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَيَعْنِي بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْهَا فَكَذَلِكَ نِيَّتُهُ، (فَإِنْ قِيلَ:) نِيَّةُ الْمُقْتَدِي مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَفِي حَقِّ الْإِمَامِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِخُرُوجِهِ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ (قُلْنَا:) الْمُقْتَدِي تَبَعٌ فَيُجْعَلُ كَالْخَارِجِ مِنْ الصَّلَاةِ حُكْمًا لِخُرُوجِ إمَامِهِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ مِصْرَهُ، فَإِنَّ دُخُولَ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ وَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، وَنِيَّةُ الْمَسْبُوقِ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ لِلْإِقَامَةِ أَوْ دُخُولِهِ مِصْرَهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ فِيمَا يَقْضِي كَالْمُنْفَرِدِ، وَنِيَّةُ الْمُنْفَرِدِ الْإِقَامَةَ مُعَبِّرٌ فَرْضُهُ فِي الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ نِيَّةُ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ، وَنِيَّةُ الْمُنْفَرِدِ الْإِقَامَةَ بَعْدِ خُرُوجِ الْوَقْتِ فِي صَلَاةٍ افْتَتَحَهَا فِي الْوَقْتِ سَاقِطَةٌ، وَكَذَلِكَ دُخُولُهُ الْمِصْرَ؛ لِأَنَّ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ صَارَ صَلَاةُ السَّفَرِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِإِقَامَتِهِ، فَأَمَّا فِي الْوَقْتِ لَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بَعْدُ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْوَقْتِ يَسْقُطُ بِعُذْرِ الْحَيْضِ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَسْقُطُ.

قَالَ: (خُرَاسَانِيٌّ قَدِمَ الْكُوفَةَ فَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلَى الْحِيرَةِ فَوَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى إقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا يُرِيدُ خُرَاسَانَ وَيَمُرُّ بِالْكُوفَةِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)؛ لِأَنَّ وَطَنَهُ بِالْكُوفَةِ كَانَ وَطَنًا مُسْتَعَارًا فَانْتَقَضَ بِمِثْلِهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْطَانَ ثَلَاثَةٌ. وَطَنُ قَرَارٍ وَيُسَمَّى الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَشَأَ بِبَلْدَةٍ أَوْ تَأَهَّلَ بِهَا تَوَطَّنَ بِهَا. وَوَطَنٌ مُسْتَعَارٌ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ الْمُسَافِرُ الْمَقَامَ فِي مَوْضِعٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنُ سُكْنَى وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ الْمَسَافِرُ الْمُقَامَ فِي مَوْضِعٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ، ثُمَّ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ لَا يَنْقُضُهُ إلَّا وَطَنٌ أَصْلِيٌّ مِثْلُهُ، وَالْوَطَنُ الْمُسْتَعَارُ يَنْقُضُهُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ وَوَطَنٌ مُسْتَعَارٌ مِثْلُهُ وَالسَّفَرُ لَا يَنْقُضُهُ وَطَنُ السُّكْنَى لِأَنَّهُ دُونَهُ، وَوَطَنُ السُّكْنَى يَنْقُضُهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْخُرُوجُ مِنْهُ لَا عَلَى نِيَّةِ السَّفَرِ. وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا الْأَصْلَ فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ فَأَكْثَرُ الْمَسَائِلِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بِخُرُوجِهَا ثَمَّةُ، وَالْقَدْرُ الَّذِي ذَكَرْنَا هَهُنَا مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ حِينَ تَوَطَّنَ بِالْحِيرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ هَذَا وَطَنًا مُسْتَعَارًا لَهُ فَانْتَقَضَ بِهِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست