responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 250
مَوْضِعِ الْجُلُوسِ أَوْ فِي مَوْضِعِ الرِّكَابَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ اعْتِبَارًا لِلصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْضِ، وَكَانَا يَقُولَانِ: تَأْوِيلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَذَارَةِ عَرَقُ الدَّابَّةِ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُونَ: تَجُوزُ لِمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَالدَّابَّةُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ بَاطِنَهَا لَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَاتِ وَيَتْرُكُ عَلَيْهَا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ النُّزُولِ وَالْأَدَاءِ، وَالْأَرْكَانُ أَقْوَى مِنْ الشَّرَائِطِ، فَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْأَرْكَانِ هُنَا لِحَاجَةٍ فَشَرْطُ طَهَارَةِ الْمَكَانِ أَوْلَى، ثُمَّ الْإِيمَاءُ لَا يُصِيبُ مَوْضِعَهُ، إنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ فِي الْهَوَاءِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُؤَدِّي عَلَيْهِ رُكْنًا وَهُوَ لَا يُؤَدِّي عَلَى مَوْضِعِ سَرْجِهِ وَرِكَابَيْهِ رُكْنًا فَلَا تَضُرُّهُ نَجَاسَتُهُمَا.

وَكَذَلِكَ الْمُقِيمُ يَخْرُجُ مِنْ مِصْرِهِ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَلَى دَابَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُسَافِرِ يَحْتَاجُ إلَى قَطْعِ الْوَسَاوِسِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا سَيْرَ عَلَى الدَّابَّةِ هَاهُنَا مَدِيدٌ كَسَيْرِ الْمُسَافِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إذَا كَانَ رَاكِبًا فِي الْمِصْرِ هَلْ يَتَطَوَّعُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَذَكَرَ فِي الْهَارُونِيَّاتِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْمِصْرِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَيُكْرَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ جَوَّزْنَاهُ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ، وَالْمِصْرُ فِي هَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى خَارِجِ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْمِصْرِ لَا يَكُونُ مَدِيدًا عَادَةً فَرَجَعْنَا فِيهِ إلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ. وَحُكِيَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سَمِعَ هَذَا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ الْحِمَارَ فِي الْمَدِينَةِ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَكَانَ يُصَلِّي وَهُوَ رَاكِبٌ» فَلَمْ يَرْفَعْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَأْسَهُ، قِيلَ: إنَّمَا لَمْ يَرْفَعْ رُجُوعًا مِنْهُ إلَى الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: بَلْ هَذَا حَدِيثٌ شَاذٌّ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَالشَّاذُّ فِي مِثْلِهِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَهُ، فَلِهَذَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ بِالْحَدِيثِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ اللَّغَطَ يَكْثُرُ فِيهَا فَلِكَثْرَةِ اللَّغَطِ رُبَّمَا يُبْتَلَى بِالْغَلَطِ فِي الْقِرَاءَةِ فَلِذَلِكَ كُرِهَ.

قَالَ: (وَلَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ الْمَكْتُوبَةَ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ)؛ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ فِي أَوْقَاتٍ مَحْصُورَةٍ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ النُّزُولُ لِأَدَائِهَا فِيهَا بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ بِشَيْءٍ، فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ النُّزُولَ لِأَدَائِهَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ النُّزُولُ لِأَدَائِهَا، تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إذًا مَا يُنَشِّطُهُ فِيهِ مِنْ التَّطَوُّعَاتِ أَوْ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُ، وَكَذَلِكَ يَنْزِلُ لِلْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يُوتِرَ عَلَى الدَّابَّةِ لِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي سَفَرٍ فَمُطِرُوا

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست