responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 266
فَأَمَّا الْقُبْحُ فَوَصْفٌ قَائِمٌ بِالنَّهْيِ مُقْتَضًى بِهِ تَحْقِيقًا لِحُكْمِهِ فَكَانَ تَابِعًا فَلَا يَجُوزُ تَحْقِيقُهُ عَلَى وَجْهٍ يَبْطُلُ بِهِ مَا أَوْجَبَهُ وَاقْتَضَاهُ فَيَصِيرُ الْمُقْتَضِي دَلِيلًا عَلَى الْفَسَادِ بَعْدَ أَنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى الصِّحَّةِ بَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ فِي مَوْضِعِهِ وَالْعَمَلُ بِالْمُقْتَضِي بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْقُبْحَ وَصْفًا لِلْمَشْرُوعِ فَيَصِيرَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ بِوَصْفِهِ فَيَصِيرَ فَاسِدًا هَذَا غَايَةُ تَحْقِيقِ هَذَا الْأَصْلِ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَدْ حَقَّقَ الْمُقْتَضَى وَأَبْطَلَ الْمُقْتَضِيَ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْمُنَاقَضَةِ وَالْفَسَادِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّهْيَ لِطَلَبِ الِامْتِنَاعِ عَنْ الْفِعْلِ مُضَافًا إلَى اخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَكَسْبِهِ فَيُعْتَمَدُ التَّصَوُّرُ فَأَمَّا الْقُبْحُ أَيْ قُبْحُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَوَصْفٌ قَائِمٌ أَيْ ثَابِتٌ بِالنَّهْيِ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا أَنَّهُ قَائِمٌ بِحَقِيقَةِ النَّهْيِ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ الْقَبِيحِ وَذَلِكَ حَسَنٌ مُقْتَضَى حَالٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ قَائِمٌ بِهِ أَيْ بِالنَّهْيِ تَحْقِيقًا لِحُكْمِهِ أَيْ لِأَجْلِ تَحْقِيقِ حُكْمِ النَّهْيِ وَهُوَ طَلَبُ الْإِعْدَامِ فَكَانَ أَيْ الْقُبْحُ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ تَابِعًا لِلنَّهْيِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ثَبَتَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَحْقِيقُهُ أَيْ إثْبَاتُ الْقُبْحِ الَّذِي ثَبَتَ اقْتِضَاءً عَلَى وَجْهٍ يَبْطُلُ بِهِ أَيْ بِالْقُبْحِ مَا أَوْجَبَ الْقُبْحُ وَاقْتِضَاءً وَهُوَ النَّهْيُ فَيَصِيرُ الْمُقْتَضَى " ح " دَلِيلًا عَلَى الْفَسَادِ أَيْ فَسَادِ الْمُقْتَضِي بَعْدَ أَنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّته.
بَلْ يَجِب الْعَمَلُ إضْرَابٌ عَنْ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ تَحْقِيقُهُ أَيْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ النَّهْيُ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ مَا وَرَدَ النَّهْيُ فِيهِ وَذَلِكَ بِإِبْقَاءِ الْمَشْرُوعِيَّةِ لِيَبْقَى النَّهْيُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِالْمُقْتَضَى وَهُوَ الْقُبْحُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ إلَى آخِرِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَوَجَبَ إثْبَاتُ الْقُبْحِ فِي غَيْرِهِ لِيُمْكِنَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ بِذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَكِنْ يُثْبِتُهُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ أَلْزَمَ فَيَجْعَلُهُ قَبِيحًا لِوَصْفٍ زَائِدٍ مُتَّصِلٍ بِهِ مَا أَمْكَنَ كَمَا يَثْبُتُ الْحُسْنُ لِلْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ أَلْزَمَ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ لِعَيْنِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَحَقُّقَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَالْوُجُودِ مِنْ قِبَلِهِ وَفِي النَّهْيِ لَوْ أَثْبَتَ الْقُبْحَ لِعَيْنِهِ انْعَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةُ وَالنَّهْيُ لِلِانْتِهَاءِ لَا لِلْإِعْدَامِ فَلَمْ نُثْبِتْهُ لِعَيْنِهِ لِيَبْقَى مَشْرُوعًا وَأَثْبَتْنَاهُ وَصْفًا لَهُ مَا أَمْكَنَ لِيَكُونَ حُرْمَةُ الْفِعْلِ لَازِمَةً أَبَدًا لِمَعْنَى رَاجِعٍ إلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ الْوَصْفَ مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَوَاطِعِ فِي الْجَوَابِ عَمَّا ذَكَرْنَا إنَّ الْفِعْلَ الْمَشْرُوعَ وُجُودُهُ بِأَمْرَيْنِ بِفِعْلِ الْعَبْدِ وَبِإِطْلَاقِ الشَّرْعِ فَبِالنَّهْيِ انْتَهَى الطَّلَاقُ فَلَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا فَأَمَّا تَصَوُّرُ الْفِعْلِ مِنْ الْعَبْدِ فَعَلَى حَالِهِ فَيَصِحُّ النَّهْيُ بِنَاءً عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْعَبْدَ مَأْذُونٌ بِالصَّوْمِ مَأْمُورٌ بِهِ وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ إلَّا النِّيَّةُ وَالْإِمْسَاكُ فَأَمَّا اعْتِبَارُهُ وَصَيْرُورَتُهُ عِبَادَةً فَمُفَوَّضٌ إلَى الشَّرْعِ لَا إلَى الْعَبْدِ فَبِالنَّهْيِ خَرَجَ الْفِعْلُ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَصَيْرُورَتُهُ صَوْمًا لِزَوَالِ إذْنِ الشَّرْعِ وَإِطْلَاقِهِ فَلَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ صَوْمًا نَظَرًا إلَى زَوَالِ إطْلَاقِ الشَّرْعِ وَكَانَ صَوْمًا نَظَرًا إلَى فِعْلِ الْعَبْدِ وَإِذَا بَقِيَ تَصَوُّرُ الْفِعْلِ مِنْ الْعَبْدِ صَحَّ النَّهْيُ وَتَحَقَّقَ وَلِهَذَا لَوْ ارْتَكَبَهُ كَانَ عَاصِيًا مُسْتَحِقًّا لِلْعِقَابِ لِارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِتْيَانِهِ بِمَا فِي وُسْعِهِ وَطَاقَتِهِ مِنْ فِعْلِ الصَّوْمِ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا هَذَا الْقَدْرُ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ.
قَالَ وَهَذَا لِأَنَّ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ مَعْنَيَانِ مُتَلَقَّيَانِ مِنْ الشَّرْعِ وَلَيْسَ إلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا إلَيْهِ إيقَاعُ الْفِعْلِ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ أَمْرِ الشَّرْعِ وَإِطْلَاقِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَلِهَذَا أَبْطَلْنَا صَوْمَ اللَّيْلِ وَصَوْمَ الْحَائِضِ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِمْسَاكِ حِسِّيًّا وَصُورَةً لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوَافِقْ أَمْرَ الشَّرْعِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ قُلْت وَحَاصِلُهُ يَئُولُ إلَى أَنَّ النَّهْيَ رَاجِعٌ إلَى الْفِعْلِ الْمُتَصَوَّرِ مِنْ الْعَبْدِ حِسًّا لَا شَرْعًا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ بِدُونِ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ إيَّاهُ يُسَمَّى بِالِاسْمِ الشَّرْعِيِّ حَقِيقَةً فَإِنَّ الصَّوْمَ اسْمٌ لِفِعْلٍ مَعْلُومٍ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ فَبِدُونِ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ لَا يُسَمَّى صَوْمًا حَقِيقَةً أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ فِي اللَّيْلِ لَا يُسَمَّى صَوْمًا وَإِنْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ إيَّاهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ صَرْفُ النَّهْيِ إلَيْهِ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً وَالنَّهْيُ وَرَدَ عَنْ مُطْلَقِ الصَّوْمِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا صَارَ صَوْمًا بِصُورَتِهِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست