responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 238
وَهَذَا بِخِلَافِ التَّقْدِيمِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَاقِعٌ عَلَى جُمْلَةِ الْإِمْسَاكِ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ مَا يُبْطِلُهُ فَبَقِيَ فَأَمَّا الْمُعْتَرِضُ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّقَدُّمَ أَلَا تَرَى أَنَّ النِّيَّةَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ لَا يَصِحُّ وَأَلَا تَرَى أَنَّ فِي الصَّوْمِ الدَّيْنُ وَجَبَ الْفَصْلُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرْجِيحُ الْفَسَادِ احْتِيَاطًا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ النَّفَلُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ شَرْعًا فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ صَائِمًا مِنْ حِينَ نَوَى لِمَا بَيَّنَهُ.
قَوْلُهُ (وَهَذَا بِخِلَافِ التَّقْدِيمِ) أَيْ تَأْخِيرُ النِّيَّةِ عَنْ أَوَّلِ الْإِمْسَاكَاتِ يُخَالِفُ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ حَيْثُ جَازَ التَّقْدِيمُ مَعَ أَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَقْتَرِنْ بِأَوَّلِهِ أَيْضًا وَلَمْ يَجُزْ التَّأْخِيرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّقْدِيمَ وَاقِعٌ عَلَى جُمْلَةِ الْإِمْسَاكِ يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ فِي اللَّيْلِ أَنَّهُ يُمْسِكُ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ فَصَحَّتْ النِّيَّةُ بِوَضْعِهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَزْمًا فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَلَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا قَدَّمَ مِنْ النِّيَّةِ مَا يُبْطِلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُضَادُّهُ مِنْ تَرْكِ الْعَزِيمَةِ وَالْإِفْطَارِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْمُوَاقَعَةُ فِي اللَّيْلِ لَا يُنَافِي الْعَزِيمَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُنَافَاةِ اتِّحَادَ الْمَحَلِّ وَاللَّيْلُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلصَّوْمِ أَصْلًا فَالْأَكْلُ وَمَا يُشْبِهُهُ لَا يُنَافِي عَزِيمَتَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا إلَى حِينِ الشُّرُوعِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِهَا مُقْتَرِنَةً بِحَالَةِ الشُّرُوعِ وَلِهَذَا عَمَّ الْجَوَازُ أَنْوَاعَ الصِّيَامَاتِ مِنْ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُهُ أَصْلًا فَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُقَدَّرُ حُكْمًا إذَا تُصُوِّرَ حَقِيقَةً وَهَذَا كَالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ جُعِلَتْ بَاقِيَةً حُكْمًا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ.
أَمَّا النِّيَّةُ الْمَوْجُودَةُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُحْكَمُ بِاقْتِرَانِهَا بِأَوَّلِ الصَّلَاةِ لِلتَّعَذُّرِ كَذَا هُنَا ثُمَّ اسْتَوْضَحَ الشَّيْخُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بِمَسْأَلَتَيْنِ فَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ النِّيَّةَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ لَا تَصِحُّ وَلَوْ جَازَ الْحُكْمُ بِاقْتِرَانِ هَذِهِ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْإِمْسَاكِ كَمَا جَازَ فِي الْمُتَقَدِّمَةِ لَمَا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بَيْنَ أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ كَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ هُنَاكَ بَيْنَ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَآخِرِهِ وَأَلَا تَرَى أَنَّ فِي الصَّوْمِ الدَّيْنِ وَجَبَ الْفَصْلُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْ بَيْنَ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَتَأْخِيرِهَا حَيْثُ جَازَ التَّقْدِيمُ وَلَمْ يَجُزْ التَّأْخِيرُ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ سَائِرِ الصِّيَامَاتِ فَإِنَّ الْإِفْطَارَ فِيهِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ دُونَ غَيْرِهِ وَعِنْدَنَا إذَا صَامَ فِي رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ قَبْلَ انْتِصَافِ النَّهَارِ يُجْزِيهِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ طَرِيقُ أَصْحَابِنَا فَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّفْلِ وَفِي الْجَوَازِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَتَأْخِيرِهَا وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ فَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ فَنَقُولُ لَمَّا كَانَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ شَرْطًا عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ الْمَشْرُوطِ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ مُقَارَنَتُهَا بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَلَا بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ فِي بَابِ الصَّوْمِ لِامْتِنَاعِ تَحْصِيلِهَا وَتَعَذُّرِ تَحْصِيلِهَا عَلَى وَجْهٍ يَفُوتُ فِي الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَجْوِيزِ التَّقْدِيمِ لِيَحْصُلَ التَّكْلِيفُ بِقَدْرِ الْوُسْعِ وَالتَّأْخِيرُ يُسَاوِي التَّقْدِيمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْ التَّأْخِيرَ لَأَدَّى إلَى التَّفْوِيتِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُنْشِئُ النِّيَّةَ مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ أَمْرٌ غَالِبٌ وَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ رَأْسُ الشَّهْرِ وَهُوَ أَيْضًا أَمْرٌ مُعْتَادٌ وَقَدْ تَطْهُرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَلَا تَشْعُرُ إلَّا بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ.
وَكَذَا الصَّبِيُّ قَدْ يَبْلُغُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الِانْتِبَاهِ وَكَذَا الْكَافِرُ قَدْ يُسْلِمُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَعْلَمُ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ النَّهَارِ وَإِذَا ثَبَتَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَاجَةِ وَجَبَ إلْحَاقُ التَّأْخِيرِ بِالتَّقْدِيمِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَوَاتِ الصَّوْمِ (فَإِنْ قِيلَ) لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ الْحَاجَتَيْنِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى جَوَازِ التَّقْدِيمِ عَامَّةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ وَإِلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ خَاصَّةً فِي حَقِّ الْبَعْضِ ثَابِتَةٌ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَأَحْكَامُ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَحْوَالُ الدَّهْمَاءِ لَا عَلَى مَا يُبْتَلَى بِهِ الْأَشْخَاصُ الْجُزْئِيَّةُ عَلَى مَا عُرِفَ وَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الْحَائِضِ النَّائِمَةِ وَالصَّبِيِّ الْمُحْتَلِمِ إلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْحَاجَةَ الْخَاصَّةَ فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست