responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 239
وَقُلْنَا نَحْنُ إنَّ الْحَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لَأَنْ يَصِيرَ الْإِمْسَاكُ قُرْبَةً وَهَذَا الْإِمْسَاكُ وَاحِدٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ صِحَّةً وَفَسَادًا وَالثَّبَاتُ عَلَى الْعَزِيمَةِ حَالَ الْأَدَاءِ سَاقِطٌ بِالْإِجْمَاعِ لِلْعَجْزِ وَحَالَ الِابْتِدَاءِ سَاقِطٌ أَيْضًا لِلْعَجْزِ وَصَارَ حَالُ الِابْتِدَاءِ هُنَا نَظِيرَ حَالِ الْبَقَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَحَالُ الْبَقَاءِ نَظِيرَ حَالِ الِابْتِدَاءِ فِي صَلَاةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْجَوَازَ لَوْ ثَبَتَ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَاجَةِ لَثَبَتَ فِي حَقِّ مَنْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْحَاجَةُ لَا فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ لِحَاجَةٍ عَامَّةٍ سَقَطَ فِيهِ اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ وَوَجَبَ إجْرَاءُ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمَا ثَبَتَ لِحَاجَةٍ خَاصَّةٍ اُقْتُصِرَ عَلَى مَوْضِعِهَا لِكَوْنِهَا عَارِضَةً وَفِي اعْتِبَارِهَا تَغْلِيبُ الْعَارِضِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِهَذَا لَمْ يَبْقَ لِلْحَاجَةِ عِبْرَةٌ فِي الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الْحَوَائِجِ لِكَوْنِهَا عَامَّةً وَاعْتُبِرَتْ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ حَتَّى اُقْتُصِرَ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَتْ الْحَاجَةُ فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهَا خَاصَّةً إذْ الْأَصْلُ وُجُودُ الْمَاءِ وَكَوْنُ الْعَوَزِ وَالْعَدَمِ فِيهِ عَارِضًا.
(قُلْنَا) إنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْحَاجَةِ لَا بِاعْتِبَارِ قَدْرِهَا فَنَطْلُبُ الْمُسَاوَاةَ فِي أَصْلِ الْحَاجَةِ لَا فِي قَدْرِهَا وَقَدْ وُجِدَتْ كَمَا بَيَّنَّا فَيَفْسُدُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِالدَّوَامِ وَعَدَمِهِ وَكَذَا بِالْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ إذْ الْخَاصَّةُ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهَا كَالْعَامَّةِ فِي مَوَاضِعِهَا وَالْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الصَّوْمِ بِالنِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ خَاصَّةٌ فِيمَا يُشْرَعُ مِنْ الصَّوْمِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَاخْتَصَّ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فِيهِ وَمَا ذُكِرَ أَنَّ بِنَاءَ الْأَحْكَامِ عَلَى مَا عُمِّمَ وَغَلَبَ دُونَ مَا شَذَّ وَنَدَرَ كَلَامٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا كَانَ مِنْ الْخَاصِّ فِي حَيِّزِ النُّدْرَةِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ فَلَهُ الْعِبْرَةُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ كَعَدَمِ الْمَاءِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ جَوَازِ التَّيَمُّمِ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ الْوُجُودُ هُنَا هُوَ الْغَالِبَ لِدُخُولِ الْعَدَمِ فِي نَفْسِهِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ وَخُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ النُّدْرَةِ وَهَهُنَا الْأَعْذَارُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ لِكَثْرَةِ جَهَالَتِهَا إذْ مِنْ ضَرُورَةِ كَثْرَةِ الْجِهَاتِ كَثْرَتُهَا عَلَى أَنَّ الْجِهَةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا جِهَةَ النِّسْيَانِ لَدَخَلَتْ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى طَبْعِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجِنْسِ فَكَيْفَ وَقَدْ كَثُرَتْ الْجِهَاتُ عَلَى مَا سَبَقَ وَقَوْلُهُمْ مَا ثَبَتَ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ الْقَاصِرَةِ لَمْ يَعْدُ مَوْضِعُهَا قُلْنَا فَجَوَّزُوا فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ وَخَالَفُونَا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْعُذْرُ فِيمَا وَرَاءَ مَحَلِّ الْحَاجَةِ عَلَى أَنَّ وُجُودَ النِّيَّةِ مِنْ النَّهَارِ فِي حَقِّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ بَلْ يُوجَدُ مِنْهُ النِّيَّةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي اللَّيْلِ بِأَكْلِ زِيَادَةٍ مِنْ الطَّعَامِ عَلَى الْمُعْتَادِ أَوْ شُرْبِ زِيَادَةِ شُرْبِهِ وَإِنْ تُصُوِّرَ وَوُجِدَ فَهُوَ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ فَيُلْحَقُ بِالْعَدَمِ.
أَوْ نَقُولُ إذَا تَحَقَّقَ فَقَدْ صَارَ عَاجِزًا عِنْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ عَنْ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ فَصَارَ كَالْمَعْذُورِينَ وَإِذَا حَقَّقْتَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ فَاصْغَ لِشَرْحِ مَا فِي الْكِتَابِ فَقَوْلُهُ الْحَاجَةُ إلَى النِّيَّةِ لَأَنْ يَصِيرَ الْإِمْسَاكُ قُرْبَةً مَعْنَاهُ النِّيَّةُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا لِغَيْرِهَا لَا لِذَاتِهَا فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَهَذَا الْإِمْسَاكُ وَاحِدٌ أَيْ الْكَفُّ إلَى آخِرِ النَّهَارِ رُكْنٌ وَاحِدٌ مُمْتَدٌّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا أَرْكَانٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ صِحَّةً وَفَسَادًا حَتَّى لَوْ فَسَدَ جُزْءٌ مِنْهُ فَسَدَ الْكُلُّ وَلَوْ حُكِمَ بِصِحَّةِ جُزْءٍ بَعْدَمَا تَمَّ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْكُلِّ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ مُتَرَكِّبًا مِنْ جِنْسِ الْإِمْسَاكِ الدَّائِمِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ إلَى آخِرِهِ وَلَكِنْ جُعِلَ جِنْسُ الْإِمْسَاكِ كُلِّهِ فِي حَقِّ كَوْنِهِ صَوْمًا كَشَيْءٍ لَا يَتَجَزَّأُ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُتَعَدِّدَةَ إذَا دَخَلَتْ تَحْتَ خِطَابٍ وَاحِدٍ صَارَتْ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] لَمَّا دَخَلَ جَمِيعُ الْبَدَنِ تَحْتَ الْخِطَابِ صَارَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ حَتَّى جَازَ نَقْلُ الْبَلَّةِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ لِعَدَمِ هَذَا الْمَعْنَى فَكَذَلِكَ هَهُنَا لَمَّا دَخَلَتْ الْإِمْسَاكَاتُ الْمُتَعَدِّدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] صَارَتْ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا يَتَجَزَّأُ صِحَّةً وَفَسَادًا وَالثَّبَاتُ عَلَى

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست