responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 237
لَمَّا وَجَبَ التَّعْيِينُ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ وَجَبَ مِنْ أَوَّلِهِ لِأَنَّ أَوَّلَ أَجْزَائِهِ فِعْلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْعَزِيمَةِ فَإِذَا تَرَاخَى بَطَلَ فَإِذَا اعْتَرَضَتْ الْعَزِيمَةُ مِنْ بَعْدُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمَاضِي بِوَجْهٍ لِأَنَّ إخْلَاصَ الْعَبْدِ فِيمَا قَدْ عَمِلَهُ لَا يَتَحَقَّقُ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا لَمْ يَعْمَلْهُ بَعْدُ فَإِذَا فَسَدَ ذَلِكَ الْجُزْءُ فَسَدَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَا يَنْجَزِئُ وَوَجَبَ تَرْجِيحُ جَانِبِ الْفَسَادِ احْتِيَاطًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِغَيْرِهِ شَرِكَةٌ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ مَشْرُوعَةً بِخِلَافِ هَوَى النَّفْسِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مُوَافَقَةِ الْهَوَى لَتَسَارَعَ إلَيْهَا الْمُكَلَّفُونَ لِمَا فِيهَا مِنْ دَاعِيَةِ الْهَوَى وَاسْتِلْذَاذِ النَّفْسِ لِذَلِكَ فَيَتَحَقَّقُ فِيهَا الشَّرِكَةُ فَيَزُولُ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ فَكَانَتْ الْعِبَادَةُ اسْمًا لِلْفِعْلِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِوُجُودِ فِعْلٍ آخَرَ مِنْ الْفَاعِلِ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ وَهِيَ أَنْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ تَوْجِيهَ فِعْلِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ فَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ هَهُنَا كَانَ الْإِمْسَاكُ عِبَادَةً فَبَعْدَ ذَلِكَ اتِّسَامُهُ بِسِمَةِ الْفَرْضِيَّةِ لَنْ يَتَعَلَّقَ بِفِعْلٍ يُوجَدُ مِنْ الْعَبْدِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِوُجُودِ الْإِلْزَامِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقٍ ظَهَرَ ثُبُوتُهُ بِيَقِينٍ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ فَتَتَّسِمُ هَذِهِ الْعِبَادَةُ بِهَذِهِ السِّمَةِ شَاءَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَشَأْ كَالْمَوْلُودِ إذَا وُلِدَ وَقَدْ كَانَتْ أُمُّهُ وَلَدَتْ قَبْلَهُ آخَرَ يَتَّسِمُ هَذَا بِسِمَةِ الْأُخُوَّةِ لِوُجُودِ مَنْ يُقَابِلُهُ.
فَكَذَا هَذَا غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ وَاجِبًا آخَرَ ظَنَّ أَنْ لَا أَمْرَ بِتَحْصِيلِ عِبَادَةِ الصَّوْمِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَأَنَّ الْعِبَادَةَ وَإِنْ حَصَلَتْ وَحَصَلَ الْإِمْسَاكُ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَتَّسِمْ بِسِمَةِ الْفَرْضِ لِزَوَالِ الْأَمْرِ بِالْإِمْسَاكِ الْمُعَيَّنِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَهَذَا الظَّنُّ مِنْهُ فَاسِدٌ كَمَا ظَنَّ أَنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لَا يُسَمَّى أَخًا لِأَنَّ أُمَّهُ مَا وَلَدَتْ قَبْلَهُ وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ كَانَ الظَّنُّ بَاطِلًا وَالْإِثْمُ ثَابِتًا كَذَا هَذَا قَالَ وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا شَكَّ إنْسَانٌ فِيهِ وَشَرَعَ بِهَذِهِ النِّيَّاتِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَكُونَ هَذَا الظَّنُّ مَعْفُوًّا فَأَمَّا لَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ فَيُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَا أَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِتَعْيِينِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْإِمْسَاكِ وَمِثْلُ هَذَا الظَّنِّ يُخْشَى مِنْهُ الْكُفْرُ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَرَفَ جَيِّدَ الْخُصُومِ عَنْ سُنَنِ الصَّوَابِ بِتَعَلُّقِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَإِنَّا سَلَّمْنَا أَنَّ الْعَمَلَ لَنْ يَصِيرَ عِبَادَةً بِدُونِ النِّيَّةِ لَكِنْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخَصْمُ هُوَ الَّذِي تَرَكَ الْعَمَلَ بِالْجَبْرِ حَيْثُ أَخْرَجَ عَمَلَهُ الْمَقْرُونَ بِالْإِخْلَاصِ عَنْ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً وَكَذَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» يَقْتَضِي جَوَازَ الصَّوْمِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ ثُمَّ يَكُونُ الصَّوْمُ فَرْضَ الْوَقْتِ لِوُجُودِ الْإِلْزَامِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
1 -
قَوْلُهُ (لَمَا وَجَبَ التَّعْيِينُ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ وَجَبَ تَعْيِينُ مَشْرُوعِ الْوَقْتِ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَنَا أَمَّا بِتَعْيِينِ الْوَصْفِ كَمَا قُلْت أَوْ بِتَعْيِينِ الْأَصْلِ كَمَا قُلْتُمْ وَجَبَ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْ أَوَّلِهِ فَإِذَا صَامَ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ لَا يُجْزِيهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَإِذَا خَلَا أَوَّلُهُ عَنْ النِّيَّةِ فَسَدَ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَلَا وَجْهَ إلَى تَصْحِيحِهِ بِأَعْمَالِ النِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ فِي الْمَاضِي بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ بِأَوَّلِ النَّهَارِ لِأَنَّ الْعَزْمَ أَثَرُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ حَيْثُ تَحْقِيقُهُ وَإِيجَادُهُ دُونَ تَصْحِيحِ الْمَاضِي لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ وَلَمْ يَبْقَ قَادِرًا وَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فِي الْأَكْثَرِ وَإِقَامَتِهِ مَقَامَ الْكُلِّ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَرُدُّهُ الْحَقِيقَةُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْكُلِّ وَلَمْ يُوجَدْ فَإِنْزَالُهُ مُوجِدًا فِي الْكُلِّ بِالْإِيجَادِ فِي الْبَعْضِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْإِمْسَاكِ فِي الْأَكْثَرِ وَلَا يُقَامُ مُقَامَ الْكُلِّ فَكَذَا فِي اعْتِبَارِ النِّيَّةِ الَّتِي بِهَا يُوجَدُ مَعْنَى الصَّوْمِ وَإِذَا فَسَدُوا لَهُ بِعَدَمِ الْعَزِيمَةِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ فَسَدَ الْبَاقِي ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّجَزِّي.
وَلَا يُقَالُ لَمَّا صَحَّ الْبَاقِي بِوُجُودِ الْعَزِيمَةِ فِيهِ صَحَّ الْكُلُّ ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّجَزِّي أَيْضًا لِأَنَّا نَقُولُ تَرْجِيحُ الْفَسَادِ فِي بَابِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ إذْ فِيهِ الْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 237
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست