responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 234
بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ إلَى حَاجَتِهِ الدِّينِيَّةِ قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمَّا صَارَ الْوَقْتُ مُتَعَيَّنًا لِهَذَا الْمَشْرُوعِ صَارَ مَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْإِمْسَاكِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْفَاعِلِ فَيَقَعُ لِلْمُسْتَحِقِّ بِكُلِّ حَالٍ كَصَاحِبِ النِّصَابِ إذَا وَهَبَهُ مِنْ الْفَقِيرِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَكَأَجِيرِ الْوَحْدِ يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ قُلْنَا لَيْسَ التَّعْيِينُ بِاسْتِحْقَاقٍ لِمَنَافِعِ الْعَبْدِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ قُرْبَةً وَإِنَّمَا الْقُرْبَةُ فِعْلٌ يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ عَنْ اخْتِيَارٍ بِلَا جَبْرٍ بَلْ الشَّرْعُ لَمْ يُشَرَّعْ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ قُرْبَةً إلَّا وَاحِدًا فَانْعَدَمَ غَيْرُ الْفَرْضِ الْوَقْتِيِّ لِعَدَمِ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا لَا بِاسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِهِ كَمَا يَنْعَدِمُ فِي اللَّيْلِ أَصْلًا وَلَا اسْتِحْقَاقَ ثَمَّةَ فَإِذَا بَقِيَتْ الْمَنَافِعُ لَهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ التَّعْيِينِ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ عَدَمَ الْعَزِيمَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ هِبَةِ النِّصَابِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَصْلُحُ مَجَازًا عَنْ الصَّدَقَةِ اسْتِحْسَانًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَوَاءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ سَهْوٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ وَمُرَادُهُ مَرِيضٌ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَيَخَافُ مِنْهُ زِيَادَةَ الْمَرَضِ فَهَذَا يَدُلُّك بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ) التَّنْبِيهُ الْإِعْلَامُ يَعْنِي جَوَازَ التَّرَخُّصِ بِالْفِطْرِ لِحَاجَتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَوَازِهِ بِأَدَاءِ الصَّوْمِ لِحَاجَتِهِ الدِّينِيَّةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَهَمُّ فَيَتَعَدَّى التَّرَخُّصُ أَوْ الْحُكْمُ مِنْ الْفِطْرِ إلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لِلْحَاجَةِ بِالْقِيَاسِ أَوْ بِالدَّلَالَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَمَّا صَارَ مُتَعَيَّنًا) إلَى آخِرِهِ، الصَّحِيحُ الْمُقِيمُ إذَا أَمْسَكَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُحْضِرْهُ النِّيَّةَ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ مَتَى تَعَلَّقَ بِمَحَلٍّ بِعَيْنِهِ أَخَذَ حُكْمَ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقِّ فَعَلَى أَيِّ وَصْفٍ وُجِدَ وَقَعَ عَنْ جِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَالْأَمْرِ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَحَلٍّ بِعَيْنِهِ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَوْقَعَ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ إلَّا عَنْ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ كَالْأَمْرِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِمَحَلِّ عَيْنٍ وَهُوَ النِّصَابُ كَانَ الصَّرْفُ إلَى الْفَقِيرِ وَاقِعًا عَنْ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ النِّصَابَ مِنْ الْفَقِيرِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَكَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا كَانَ الْفِعْلُ الْوَاقِعُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ مَا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّعَ أَوْ أَدَاءَ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ وَالْفِقْهُ الْجَامِعُ لِلْكُلِّ أَنَّهُ لَمَّا أُخِذَ تَعَلُّقًا بِمَحَلِّ عَيْنٍ كَانَ مُتَعَيَّنًا عَلَى اعْتِبَارِ الْوُجُودِ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ إيجَادُهُ وَلَنَا حَرْفَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ أُمِرَ الْعَبْدُ بِتَحْصِيلِهِ وَإِيجَادِهِ فِي وَقْتٍ عُيِّنَ وَالْإِيجَادُ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ الْإِمْسَاكُ وَمَعْنَاهُ كَوْنُهُ عِبَادَةً.
وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْعَزِيمَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا يَقَعُ عَنْ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَإِنْ تَعَيَّنَ لَهُ بِخِلَافِ هِبَةِ النِّصَابِ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ تَمَّ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ وَكَذَا الْفِعْلُ فِي الْإِجَارَةِ تَمَّ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ مَنَافِعَهُ مَعَ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ لِلْفَرْضِ وَاسْتِحْقَاقِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ بَقِيَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَنَعْنِي بِهَا الصَّلَاحِيَّةَ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يُؤَدِّيَ بِهَا مَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَذَلِكَ بِأَدَاءٍ يَكُونُ مِنْهُ عَنْ اخْتِيَارٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِدُونِ الْعَزِيمَةِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَعْزِمْ لَا يَكُونُ صَارِفًا مَالَهُ إلَى مَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الْعَزِيمَةِ لِأَنَّ الْعَدَمَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يُقَالُ الْإِمْسَاكُ وُجِدَ مِنْهُ اخْتِيَارًا فَلَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لِيَحْصُلَ الِاخْتِيَارُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا شَرَطْنَا الِاخْتِيَارَ فِي صَرْفِ هَذَا الْفِعْلِ عَنْ الْعَادَةِ إلَى الْعِبَادَةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِدُونِ النِّيَّةِ وَإِنَّمَا لَا يُمْكِنُهُ صَرْفُ مَنَافِعِهِ إلَى أَدَاءِ صَوْمٍ آخَرَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لَا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَجِيرِ فَإِنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَنَافِعُهُ إنْ كَانَ أَجِيرًا وَاحِدًا وَالْوَصْفُ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الثَّوْبِ إنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فِيهِ وَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَزْمٍ يَكُونُ مِنْهُ وَبِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ صَرْفَ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ إلَى الْمُحْتَاجِ لِيَكُونَ كِفَايَةً لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَالْهِبَةُ صَارَتْ عِبَارَةً عَنْ الصَّدَقَةِ فِي حَقِّهِ مَجَازًا لِأَنَّ الْمُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ الْعِوَضِ مِنْ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ صَارَتْ عِبَارَةً عَنْ الْهِبَةِ حَتَّى مَلَكَ الْمُتَصَدِّقُ الرُّجُوعَ بِدَلَالَةٍ فِي الْمَحَلِّ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي مَسْأَلَةِ هِبَةِ النِّصَابِ مَعْنَى الْقَصْدِ حَصَلَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست