responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 233
فَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيَسْتَوْجِبُ الرُّخْصَةَ بِعَجْزٍ مُقَدَّرٍ بِقِيَامِ سَبَبِهِ وَهُوَ السَّفَرُ فَلَا يَظْهَرُ بِنَفْسِ الصَّوْمِ فَوَاتُ شَرْطِ الرُّخْصَةِ فَلَا يَبْطُلُ التَّرَخُّصُ فَيَتَعَدَّى حِينَئِذٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا فَصَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ صَائِمًا عَمَّا نَوَى وَلَوْ صَامَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَصِيرُ صَائِمًا عَنْ رَمَضَانَ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يَصِيرُ صَائِمًا عَمَّا نَوَى وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَالْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْوَلْوَالِجِيِّ وَالْقَاضِي الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْبُخَارِيِّ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ فِي الْإِيضَاحِ وَكَانَ مَشَايِخُنَا يَفْصِلُونَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ قَالَ وَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ نَصًّا أَنَّهُ إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ يَقَعُ عَنْ التَّطَوُّعِ وَمَا ذُكِرَ هَهُنَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا قُلْت وَكَشْفُ هَذَا أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْمَرَضِ بِإِجْمَاعٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَعْبَأُ فِيهِ بِقَوْلِ مُخَالِفِيهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرَضَ مُتَنَوِّعٌ نَوْعٌ مِنْهُ مَا يَضُرُّ بِهِ الصَّوْمُ نَحْوُ الْحُمَّيَاتِ الْمُطْبِقَةِ وَوَجَعِ الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَنَوْعٌ مِنْهُ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ الصَّوْمُ كَالْأَمْرَاضِ الرُّطُوبِيَّةِ وَفَسَادِ الْهَضْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالتَّرَخُّصُ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الْمَشَقَّةِ وَالضَّرَرِ تَرْفِيهًا فَمِنْ الْبَعِيدِ أَنْ يَثْبُتَ فِيمَا لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى دَفْعِ ضَرَرٍ.
فَلِذَلِكَ شُرِطَ كَوْنُهُ مُفْضِيًا إلَى الْحَرَجِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْمَشَقَّةَ بِكُلِّ حَالٍ فَتَعَلَّقَ التَّرَخُّصُ بِنَفْسِ السَّفَرِ وَأُقِيمَ السَّفَرُ مُقَامَ الْمَشَقَّةِ لِمَا عُرِفَ ثُمَّ عِنْدَنَا يَثْبُتُ التَّرَخُّصُ بِخَوْفِ ازْدِيَادِ الْمَرَضِ كَمَا يَثْبُتُ بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ مَنْ ازْدَادَ وَجَعُهُ أَوْ حُمَّاهُ بِالصَّوْمِ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ عَنْ الصَّوْمِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا خِلَافُ ذَلِكَ فَهَذَا الْمَرِيضُ إنْ تَحَمَّلَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ وَصَامَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسَافِرِ بِوَجْهٍ فَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَرَضَ لَمَّا تَنَوَّعَ كَمَا ذَكَرْنَا تَعَلَّقَ التَّرَخُّصُ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي يَضُرُّ بِهِ الصَّوْمُ بِخَوْفِ ازْدِيَادِ الْمَرَضِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَجْزُ الْحَقِيقِيُّ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَتَعَلَّقَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ الصَّوْمُ لَكِنْ لَمَّا آلَ أَمْرُ الْمَرِيضِ إلَى الضَّعْفِ الَّذِي عَجَزَ بِهِ عَنْ الصَّوْمِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ التَّرَخُّصُ دَفْعًا لِلْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يَثْبُتُ بِالْإِكْرَاهِ إذْ مَعْنَى الْعَجْزِ أَنَّهُ لَوْ صَامَ لَهَلَكَ غَالِبًا فَإِذَا صَامَ هَذَا الْمَرِيضُ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَلَمْ يَهْلِكْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ التَّرَخُّصُ فَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ.
فَظَهَرَ أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ قَوْلِهِ الْجَوَابُ فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَوَاءٌ الْمَرِيضُ الَّذِي أَضَرَّ بِهِ الصَّوْمُ وَتَعَلَّقَ تَرَخُّصُهُ بِازْدِيَادِ الْمَرَضِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ رُخْصَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ الْمَرِيضُ الَّذِي لَمْ يَضُرَّ بِهِ الصَّوْمُ وَتَعَلَّقَ تَرَخُّصُهُ بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ.
وَقَوْلُهُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَنَا كَذَا أَرَادَ بِهِ نَفْسَهُ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ رِوَايَةَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَوَاءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ أُجْرِيَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ لَأَوْجَبَتْ تَعْمِيمَ الْحُكْمِ فِي حَقِّ كُلِّ مَرِيضٍ كَعُمُومِهِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ فَالشَّيْخُ نَظَرَ إلَى عُمُومِهَا الظَّاهِرِيِّ وَأَشَارَ إلَى الْفَسَادِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَنَا كَذَا يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا مَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ فَأَمَّا الْمَرِيضُ إذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ صَوْمُهُ مِنْ رَمَضَانَ لِأَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ الصَّوْمِ فَأَمَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَهُوَ وَالصَّحِيحُ سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست