responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 235
لَمَّا كَانَتْ مَنَافِعُهُ بَقِيَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَجَبَ التَّعْيِينُ حَتَّى يَصِيرَ مُخْتَارًا لَا مَجْبُورًا وَلَوْ وَضَعْنَا عَنْهُ تَعْيِينَ الْجِهَةِ لَصَارَ مَجْبُورًا فِي صِفَةِ الْعِبَادَةِ وَلَخَلَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ عَنْ الْإِقْبَالِ وَالْعَزِيمَةِ وَقُلْنَا الْأَمْرُ عَلَى مَا قُلْت إلَّا أَنَّهُ لَمَّا اتَّحَدَ الْمَشْرُوعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ تَعَيَّنَ فِي زَمَانِهِ فَأُصِيبَ بِمُطْلَقِ الِاسْمِ وَلَمْ يُفْقَدْ بِالْخَطَإِ فِي الْوَصْفِ كَالْمُتَعَيَّنِ فِي مَكَانِهِ فَصَارَ جَوَازُهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ عَلَى أَنَّهُ تَعْيِينٌ لَا عَلَى أَنَّ التَّعْيِينَ عَنْهُ مَوْضُوعٌ فَكَانَ هَذَا مِنَّا قَوْلًا بِمُوجِبِ الْعِلَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاخْتِيَارِ الْمَحَلِّ وَمَعْنَى الْقُرْبَةِ حَصَلَ لِحَاجَةِ الْمَحَلِّ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِفَقِيرٍ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ لِحُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَصْمَ نَظَرَ إلَى الْإِمْسَاكِ فَقَالَ هُوَ الْوَاجِبُ لَا غَيْرُ وَجَعَلَ تَأْثِيرَ النِّيَّةِ فِي تَحْصِيلِ الْإِيقَاعِ عَنْ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ إذَا تَعَلَّقَ بِمَحَلٍّ عُيِّنَ وَنَحْنُ جَعَلْنَا تَأْثِيرَهَا فِي تَحْصِيلِ مَعْنَى الْإِمْسَاكِ وَهُوَ كَوْنُهُ عِبَادَةً وَوَقَفْنَا الْحُصُولَ عَلَى وُجُودِ الْمَعْنَى كَمَا وَقَفْنَا عَلَى حُصُولِ الصُّورَةِ أَوْ جَعَلْنَا تَأْثِيرَهَا فِي تَحْقِيقِ مَعْنَى الِاخْتِيَارِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي تَحْصِيلِ الْعِبَادَةِ ثُمَّ بَعْدَ حُصُولِ الْمَعْنَى أَوْ حُصُولِ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ عَنْ اخْتِيَارٍ أَعْرَضْنَا عَنْ تَعْيِينِ النِّيَّةِ كَمَا نَذْكُرُهُ مَعَ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُنْكِرُ هَذَا الْمَذْهَبَ لِزُفَرَ وَيَقُولُ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُ أَنَّ صَوْمَ جَمِيعِ الشَّهْرِ يَتَأَدَّى بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا الِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ فَأَمَّا الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَائِمًا مَا لَمْ يَبْقَ.
وَالْفَرْقُ لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَدَاءَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِنِيَّتِهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ وَقُلْنَا إنَّمَا يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ لِيَصِيرَ الْفِعْلُ قُرْبَةً وَفِي هَذَا الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُهُ كَصَاحِبِ النِّصَابِ أَدَاءً وَهِبَةً مِنْ الْفَقِيرِ بَعْدَ الْحَوْلِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ مَقِيسًا عَلَيْهِ لِزُفَرَ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْفَقِيرِ غِنًى بِهَذِهِ الْهِبَةِ بِأَنْ كَانَ مَدْيُونًا أَوْ وَهَبَهُ مُتَفَرِّقًا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا لِأَنَّ إيتَاءَ مَأْتِيِّ دِرْهَمٍ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ فَمَا ظَنُّك فِي الْهِبَةِ بِدُونِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِلْزَامَ عَلَى مَذْهَبِ الْخَصْمِ مِمَّا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ قُرْبَةً أَيْ مِنْ فَرْضِ الْوَقْتِ وَالْقَضَاءُ وَالْمَنْذُورُ وَالْكَفَّارَةُ وَالنَّفَلُ إلَّا وَاحِدًا وَهُوَ فَرْضُ الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ التَّعْيِينِ أَيْ تَعْيِينِ الْمَنَافِعِ لِلْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ أَيْ عَقْدُ الْهِبَةِ عِبَارَةٌ وَالْعِبَارَةُ شَيْءٌ فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الصَّدَقَةِ بِخِلَافِ عَدَمِ الْعَزِيمَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ
1 -
قَوْلُهُ (لِمَا بَقِيَتْ مَنَافِعُهُ) أَيْ إلَى آخِرِهِ يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ وَنِيَّةِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا عَنْ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ بِنِيَّةٍ مَا إلَّا بِنِيَّةِ فَرْضَ رَمَضَان لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَمَّا بَقِيَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَجَبَ التَّعْيِينُ أَيْ تَعْيِينُ الْجِهَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ صَرْفُ مَالِهِ إلَى مَشْرُوعِ الْوَقْتِ مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فِي عَزِيمَتِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الصَّوْمَ مُتَنَوِّعٌ فِي أَوْصَافِهِ فَرْضًا وَنَفْلًا كَأَصْلِ الْإِمْسَاكِ مُتَنَوِّعٌ إلَى عَادَةٍ وَعِبَادَةٍ وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْوَصْفِ كَمَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَيَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ ثَوَابٍ وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ زِيَادَةَ تَغْلِيظٍ فِي الْعِقَابِ فَكَانَ الْوَصْفُ بِنَفْسِهِ عِبَادَةً كَأَصْلِ الصَّوْمِ وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ حُصُولُ عِبَادَةٍ لَا عَنْ اخْتِيَارٍ مِنْ الْعَبْدِ فَكَمَا شُرِطَتْ الْعَزِيمَةُ لِلْأَصْلِ نَفْيًا لِلْجَبْرِ فَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ لِلْوَصْفِ لِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا يُقَالُ تَعَيَّنَ الْمَحَلِّ لِقَبُولِ الْمَشْرُوعِ دُونَ غَيْرِهِ قَدْ أَغْنَى عَنْ تَعْيِينِ الْوَصْفِ لِأَنَّا نَقُولُ تَعَيُّنُ الْوَصْفِ وَاجِبٌ عَلَى الْعَبْدِ لِيَقَعَ عَنْ اخْتِيَارٍ وَلَا يُغْنِي تَعَيُّنُ الْمَحَلِّ عَنْ ذَلِكَ شَيْئًا إذْ نَحْنُ مَا اعْتَبَرْنَا النِّيَّةَ لِلتَّمْيِيزِ حَتَّى يَسْقُطَ اعْتِبَارُ التَّمَيُّزِ بِالنِّيَّةِ بِتَعَيُّنِ الْمَحَلِّ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِلتَّحْصِيلِ عَلَى مَا حَقَّقْنَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ حُجَّةُ الْفَرْضِ حَيْثُ يَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِنِيَّةِ النَّفْلِ عِنْدِي لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ.
وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست