responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 199
وَثَبَتَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْأَمْرِ أَدَاءُ الظُّهْرِ بِالْجُمُعَةِ فَصَارَ ذَلِكَ مُقَرِّرًا لَا نَاسِخًا فَصَحَّ الْأَدَاءُ وَأَمَرَ بِنَقْضِهِ بِالْجُمُعَةِ كَمَا أَمَرَ بِإِسْقَاطِهِ بِالْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا وَضَعَ عَنْ الْمَعْذُورِ أَدَاءُ الظُّهْرِ بِالْجُمُعَةِ رُخْصَةً فَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ الْعَزِيمَةُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الضَّرْبَ الثَّالِثَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ يَخْتَصُّ بِالْأَدَاءِ دُونَ الْقَضَاءِ، أَمَّا إذَا فَاتَ الْأَدَاءُ بِحَالِ الْقُدْرَةِ بِتَقْصِيرِ الْمُخَاطَبِ فَقَدْ بَقِيَ تَحْتَ عُهْدَتِهِ وَجُعِلَ الشَّرْطُ بِمَنْزِلَةِ الْقَائِمِ حُكْمًا لِتَقْصِيرِهِ وَأَمَّا إذَا فَاتَ لَا بِتَقْصِيرِهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْقُدْرَةَ كَانَتْ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُشْتَرَطْ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَائِتِ فَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الظُّهْرَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ كَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَصَارَ كَأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الدُّلُوكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَبَبًا لِلظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ الْعَبْدُ الْجُمُعَةَ وَأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الظُّهْرِ إذَا أُدِّيَتْ، وَمِثَالُهُ وَقْتُ رَمَضَانَ عُلِّقَتْ شَرْعِيَّةُ الصَّوْمِ بِالشَّهْرِ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَيَسْقُطُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ بِعِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا إذَا صَلَّى الْمُقِيمُ الظُّهْرَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ وَقْتِهِ وَلَمْ يُنْسَخْ بِالْجُمُعَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْمَعْذُورِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي كَوْنِ الظُّهْرِ مَشْرُوعَ الْوَقْتِ فِي حَقِّهِمَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي وُجُوبِ الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ الشَّهْرَ صَحَّ كَالْمُقِيمِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا فِي أَنَّ الشَّهْرَ سَبَبُ شَرْعِ هَذَا الصَّوْمِ فِي حَقِّهِمَا إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ الْمُقِيمُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ بِأَدَاءِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ النَّهْيُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْفِعْلِ لَمْ يُوجِبْ فَسَادَ الْفِعْلِ.
وَأَمَّا الْمُسَافِرُ إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَدْ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِي الْمُقِيمَ فِي شَرْعِيَّةِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَإِنَّمَا يُفَارِقُهُ فِي أَنْ ثَبَتَ لَهُ رُخْصَةُ التَّرْكِ وَهَذِهِ رُخْصَةٌ حَقِيقِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةُ تَرْفِيهٍ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ مُحَقِّقَةٌ لِلْعَزِيمَةِ لَا نَافِيَةٌ لَهَا فَإِذَا قُدِّمَ عَلَى الْعَزِيمَةِ صَارَ مُعْرِضًا عَنْ الرُّخْصَةِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ فَالْتَحَقَ بِالْمُقِيمِ وَالْمُقِيمُ يَفْسُدُ ظُهْرُهُ بِجُمُعَتِهِ كَذَا هَذَا كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي مَا أَصْلُ فَرْضِ الْوَقْتِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَكِنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ بِأَدَاءِ الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ، يُرِيدُ بِهِ أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَيَتَعَيَّنُ بِفِعْلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُهُ.
(وَثَبَتَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْأَمْرِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9] .
أَدَاءُ الظُّهْرِ بِالْجُمُعَةِ أَيْ إقَامَتُهَا مَقَامَ الظُّهْرِ بِالْفِعْلِ وَإِسْقَاطُهُ عَنْ الذِّمَّةِ بِأَدَائِهَا، فَصَارَ ذَلِكَ أَيْ الْأَمْرُ بِالْجُمُعَةِ مُقَرِّرًا لِلظُّهْرِ لَا نَاسِخًا لَهُ بِمَنْزِلَةِ فِدَاءِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْكَبْشِ حَيْثُ وَقَعَ الذَّبْحُ عَنْ إسْمَاعِيلَ وَلِهَذَا سُمِّيَ ذَبِيحًا، وَأَمَرَ بِنَقْضِهِ أَيْ الظُّهْرِ بِالْجُمُعَةِ بَعْدَمَا أُدِّيَ كَمَا أَمَرَ بِإِسْقَاطِهِ بِالْجُمُعَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9] يَتَنَاوَلُ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهِ وَلِأَنَّهُ وَقَعَ مَكْرُوهًا وَسَبِيلُهُ النَّقْضُ بِالْإِعَادَةِ وَلَا يُقَالُ فِي الْأَمْرِ بِالنَّقْضِ إبْطَالُ الْعَمَلِ وَهُوَ حَرَامٌ مَنْهِيٌّ فَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ لِلْإِكْمَالِ جَائِزٌ وَلِأَنَّهُ إبْطَالٌ ضِمْنِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ.
(وَإِنَّمَا وُضِعَ عَنْ الْمَعْذُورِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمَعْذُورَ رُخِّصَ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ فَإِذَا تَرَخَّصَ وَأَدَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ اسْتَوْفَى مُوجِبَ الرُّخْصَةِ فَلَا يَكُونُ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ مِنْهُ نَقْضًا لِمَا صَنَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَبْدِيلُ الرُّخْصَةِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُنْتَقَضْ بِالْجُمُعَةِ مِنْ بَعْدُ، فَقَالَ الْعَمَلُ بِالرُّخْصَةِ لَا يُوجِبُ إبْطَالَ الْعَزِيمَةِ إذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ أَمْكَنَ هَهُنَا لِبَقَاءِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ جُمُعَتُهُ بَعْدَمَا حَضَرَ وَأَدَّى الْجُمُعَةَ لَكَانَ عَائِدًا عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ كَانَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ كَانَ فِيهِ إثْبَاتُ حَرَجٍ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ قَوْلُهُ.
(يَخْتَصُّ بِالْأَدَاءِ دُونَ الْقَضَاءِ) حَتَّى إذَا قَدَرَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْأَدَاءِ ثُمَّ زَالَتْ الْقُدْرَةُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، حُكْمًا لِتَقْصِيرِهِ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ وَهِيَ لَا تَصْلُحُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ، فَلَمْ يُشْرَطْ الْبَقَاءُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الشَّيْءِ غَيْرُ وُجُودِهِ وَلِهَذَا صَحَّ إثْبَاتُ الْوُجُودِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست