responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَلِهَذَا قُلْنَا إذَا مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ لَمْ يَبْطُلْ عَنْهُ الْحَجُّ وَكَذَلِكَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ لِمَا ذَكَرْنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَفْيُ الْبَقَاءِ بِأَنْ يُقَالَ وُجِدَ وَلَمْ يَبْقَ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الْوُجُودِ شَرْطَ الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ شَرْطُ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِغَيْرِهِ كَالشُّهُودِ فِي بَابِ النِّكَاحِ شَرْطٌ لِلِانْعِقَادِ لَا لِلْبَقَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ؛ لِأَنَّهُ بَقَاءُ التَّكْلِيفِ الْأَوَّلِ الَّذِي وُجِدَ شَرْطُهُ لَا أَنَّهُ تَكْلِيفٌ ابْتِدَائِيٌّ فَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْقُدْرَةُ.
، وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ بِالنَّصِّ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الْأَدَاءُ فَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ بِنَصٍّ مَقْصُودٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَشْتَرِطَ الْقُدْرَةَ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ آخَرُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ أَنَّ فِي النَّفَسِ الْأَخِيرِ مِنْ الْعُمُرِ يَلْزَمُهُ تَدَارُكُ مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامَاتِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا وَتَيَقَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِقَادِرٍ عَلَى تَدَارُكِهَا وَلِهَذَا تَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّا اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي خَلْفِهِ وَلَا خَلَفَ لِلْقَضَاءِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَقَدْ بَقِيَتْ الْفَوَائِتُ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقُدْرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَدَاءِ.
وَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا إذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فِي الصِّحَّةِ فَقَضَاهَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُومِيًا حَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْقُدْرَةَ فِي الْقَضَاءِ لِمَا خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ كَانَتْ وَاجِبَةً وَلَمْ يَأْتِ بِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ قَضَاهَا كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْأَدَاءِ أَصْلُ الْقُدْرَةِ الَّتِي تُمَكِّنُهُ مِنْ الْأَدَاءِ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا لَا قُدْرَةً مُكَيِّفَةً فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ اسْتِطَاعَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ مَا كَانَتْ شَرْطًا فِي الِابْتِدَاءِ بَلْ شَرَطْنَا ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لَا أَنْ يَكُونَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ مَشْرُوطَةً فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرِيضًا فِي الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَا يَسْتَطِيعُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ مُطْلَقُ الْقُدْرَةِ لَا الْقُدْرَةُ الْمُكَيِّفَةُ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا أَمْرًا عَارِضًا زَائِدًا، كَذَا رَأَيْت فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَلَمْ يَتَّضِحْ لِي هَذَا الْجَوَابُ وَقَوْلُهُ.
(وَلِهَذَا قُلْنَا) أَيْ وَلِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ قُلْنَا لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ عَجْزًا كُلِّيًّا فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَيَبْقَى تَحْتَ عُهْدَتِهِ مُؤَاخَذًا بِهِ فَثَبَتَ أَنَّ دَوَامَ الْقُدْرَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْبَقَاءِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ أَثَرُ عَدَمِ السُّقُوطِ فِي حَقِّ الْإِثْمِ دُونَ وُجُوبِ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْفِعْلَ سَاقِطٌ عَنْ الْمَيِّتِ بِالْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ لِبَقَائِهِ فَإِنَّ مَا ثَبَتَ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فِي حَقِّ الْإِثْمِ أَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا فَرَّطَ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ يَبْقَى الْوَاجِبُ فِي حَقِّ الْإِثْمِ حَتَّى جَازَ أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ سَقَطَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَلَا يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِدْلَال.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَقَاءَ الْوُجُوبِ يَسْتَغْنِي عَنْ الْقُدْرَةِ عِنْدَ الشَّيْخِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً بِدُونِ الْقُدْرَةِ وَيَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ ثَانِيًا أَثِمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوْتِ بِتَأْخِيرِهِ مُخْتَارًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقُدْرَةُ قَائِمَةً عِنْدَ الْإِيجَابِ وَلَمْ يَقْدِرْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ لِعَدَمِ شَرْطِ الْوُجُوبِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ مَثَلًا بِمِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ حَالَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَقْدِرْ بَعْدُ حَتَّى مَاتَ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ أَصْلًا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ حَالَةَ الْبَقَاءِ مَطْلُوبًا مِنْهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَطْلُوبًا مِنْهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْفِعْلِ بِدُونِ الْقُدْرَةِ لَا يَجُوزُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْقُدْرَةِ حَالَةَ الْفِعْلِ فَيَجِبُ الْفِعْلُ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ فِي

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست