responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 198
وَقَالَا لَمَّا لَمْ يُخَاطَبْ الْمَرِيضُ وَالْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ بِالْجُمُعَةِ بَلْ بِالظُّهْرِ صَارَ الظُّهْرُ حَسَنًا مَشْرُوعًا فِي حَقِّهِمْ فَإِذَا أَدَّوْهَا لَمْ تُنْتَقَضْ بِالْجُمُعَةِ مِنْ بَعْدُ، وَقُلْنَا نَحْنُ لَا خِلَافَ فِي هَذَا الْأَصْلِ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْأَمْرِ بِالْجُمُعَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى نَسْخِ الظُّهْرِ كَمَا قُلْتُمْ أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْدَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ يُقْضَى الظُّهْرُ وَلَا يَصْلُحُ قَضَاءٌ لِلْجُمُعَةِ وَلَا تُقْضَى الْجُمُعَةُ بِالْإِجْمَاعِ فَثَبَتَ أَنَّهُ عَوْدٌ إلَى الْأَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُجْزِيهِ إلَّا إذَا أَعَادَ الظُّهْرَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ عِنْدَ زُفَرَ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا هِيَ الْجُمُعَةُ فِي حَقِّهِ إذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الِاشْتِغَالِ بِالظُّهْرِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَوْتُ الْجُمُعَةِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ شَرْعِيَّةِ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ ضَرُورَةً إلَّا أَنَّ عِنْدَ زُفَرَ فَوْتُ الْجُمُعَةِ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ السُّلْطَانَ لِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَوْتُهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَوْلُهُ (وَقَالَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ إنَّ الْمَعْذُورَ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَصَلَّاهَا لَا يُنْتَقَضُ بِهِ الظُّهْرُ وَهُوَ الْقِيَاسُ حَتَّى لَوْ شَرَعَ مَعَ الْإِمَامِ فَقَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ، وَعِنْدَنَا يُنْتَقَضُ الظُّهْرُ وَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ خِطَابُ الظُّهْرِ وَصَارَ الظُّهْرُ حَسَنًا مَشْرُوعًا فِي حَقِّهِ وَلِهَذَا صَحَّ أَدَاءُ الظُّهْرِ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ غَيْرِ إسَاءَةٍ وَإِذَا صَحَّ أَدَاؤُهُ فِي وَقْتِهِ لَمْ يُنْتَقَضْ بِالْجُمُعَةِ كَمَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ أَوْ كَمَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَدَّى الْعَصْرَ وَيَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَدَاءِ الظُّهْرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا كَمَا لَوْ أَدَّى غَيْرُ الْمَعْذُورِ الظُّهْرَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ وَاحِدٌ وَقَدْ تَعَيَّنَ الظُّهْرُ فِي حَقِّهِ فَانْدَفَعَ غَيْرُهُ ضَرُورَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمَعْذُورَ لَوْ أَدَّى الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَدَاءِ الظُّهْرِ يَجُوزُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ أَدَّى الظُّهْرَ، فَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي الْأَسْرَارِ وَهُوَ أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ وَاحِدٌ وَأَجْمَعْنَا أَنَّ الْمَعْذُورَ لَمْ يُؤْمَرْ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ عَيْنًا بَلْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ، فَإِذَا أَدَّى أَحَدَهُمَا انْدَفَعَ الْآخَرُ كَالْمُكَفِّرِ عَنْ الْيَمِينِ إذَا كَفَّرَ بِنَوْعٍ بَطَلَ سَائِرُ الْأَنْوَاعِ وَلَمْ تَرَخَّصْ نَقْضُ مَا أَدَّى بِالْآخَرِ كَمَا إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ لَمْ يُنْتَقَضْ بِالظُّهْرِ.
قَوْلُهُ (وَقُلْنَا نَحْنُ لَا خِلَافَ فِي هَذَا الْأَصْلِ) يَعْنِي فِي كَوْنِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ مُقْتَضِيًا لِكَمَالِ الْحُسْنِ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي كَيْفِيَّةِ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ بِالْجُمُعَةِ فَيَقُولُ الْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ هُوَ الظُّهْرُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ مَا يُخَاطَبُ الْآحَادُ بِإِقَامَتِهِ تُرَخِّصُ شَرَائِطَ لَا يَتَمَكَّنُ الْوَاحِدُ مِنْ إقَامَتِهَا بِنَفْسِهِ فَبَقِيَ الْفَرْضُ كَمَا كَانَ مَشْرُوعًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ فَرْضُ الْوَقْتِ أَصْلًا يَنْوِي قَضَاءَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ فَرْضِ الْوَقْتِ الظُّهْرَ لِمَا صَحَّ نِيَّةُ قَضَاءِ الظُّهْرِ بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ فَثَبَتَ أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ هُوَ الظُّهْرُ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ بِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّسْخِ لِلظُّهْرِ كَمَا زَعَمَ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَبَقَاءِ الْوَقْتِ يُؤَدَّى الظُّهْرُ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ قَضَاءً لِلْجُمُعَةِ لِاخْتِلَافِهِمَا اسْمًا وَمِقْدَارًا وَشُرُوطًا كَيْفَ وَلَا قَضَاءَ لِلْجُمُعَةِ بِالْإِجْمَاعِ فَعَرَفْنَا أَنَّ مُوجِبَ الْأَمْرِ لَيْسَ نَسْخَ الظُّهْرِ بَلْ قَضِيَّتُهُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ مَقَامَ الظُّهْرِ بِفِعْلِنَا غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتْمٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَعْذُورِ بَلْ رُخِّصَ لَهُ أَنْ لَا يُقِيمَ الْجُمُعَةَ مَقَامَ الظُّهْرِ بِفِعْلِهِ وَيَأْتِي بِالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ قَبْلَ الظُّهْرِ كَانَ ذَلِكَ فَرْضَ وَقْتِهِ.
وَكَذَا الْمُقِيمُ الصَّحِيحُ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ بَعْدَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ كَانَ فَرْضَ وَقْتِهِ وَفَرْضُ الْوَقْتِ مَا عُلِّقَ إلَّا بِالْوَقْتِ فَأَمَّا الْفَوْتُ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَضَاءُ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست