responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 125
وَلَنَا أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ صِيغَةٌ اُخْتُصِرَتْ لِمَعْنَاهَا مِنْ طَلَبِ الْفِعْلِ لَكِنَّ لَفْظَ الْفِعْلِ فَرْدٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْمَاءِ الْمُفْرَدَةِ وَالْمَصَادِرِ مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ طَلِّقِي أَيْ أَوْقِعِي طَلَاقًا أَوْ افْعَلِي تَطْلِيقًا أَوْ التَّطْلِيقَ وَهُمَا اسْمَانِ فَرْدَانِ لَيْسَا بِصِيغَتَيْ جَمْعٍ وَلَا عَدَدٍ وَبَيْنَ الْفَرْدِ وَالْعَدَدِ تَنَافٍ وَكَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدُ مَعْنَى الْفَرْدِ لَمْ يَحْتَمِلْ الْفَرْدُ مَعْنَى الْعَدَدِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِسَائِرِ الْأَفْعَالِ كَقَوْلِك اضْرِبْ أَيْ اكْتَسِبْ ضَرْبًا أَوْ الضَّرْبَ، وَهُوَ فَرْدٌ بِمَنْزِلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ إلَّا أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لَهُ كُلٌّ وَبَعْضٌ فَالْبَعْضُ مِنْهُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّهُ فَرْدٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَعَلِّقُ بِالشَّرْطِ، وَاحْتَجَّ مَنْ ادَّعَى التَّكْرَارَ وَهُمْ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ لَا كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ فَرِيقٌ آخَرُ غَيْرُ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ قَالُوا بِالْعُمُومِ بِحَدِيثِ الْأَقْرَعِ، وَالِاحْتِجَاجُ بِطَرِيقَيْنِ.
أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَمْرَ لَوْ كَانَ مُوجِبُهُ الْمَرَّةَ وَلَمْ يَقْتَضِ التَّكْرَارَ لُغَةً لَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ لِسُؤَالِهِ مَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ حُجُّوا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَرَّةَ لَيْسَتْ بِمُقْتَضَاهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضَاهُ التَّكْرَارَ ضَرُورَةً اتِّفَاقُنَا عَلَى أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَحَدُهُمَا، وَلَا يُعَارَضُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوجِبُهُ التَّكْرَارَ لَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَمَا لَوْ قَالَ حُجُّوا كُلَّ عَامٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ أَنَّ مُوجِبَ الْأَمْرِ التَّكْرَارُ وَلَكِنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ أَنَّ الْحَرَجَ فِيهِ مَنْفِيٌّ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى مُوجِبِهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ؛ فَلِذَلِكَ سَأَلَ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا عَرَفَ وَجْهَ إشْكَالِهِ كَيْفَ أَشَارَ فِي قَوْلِهِ «وَلَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ، إلَى انْتِفَاءِ التَّكْرَارِ لِضَرُورَةِ لُزُومِ الْحَرَجِ، وَإِلَّا كَانَ مُوجِبُهُ التَّكْرَارَ، وَالثَّانِي مَا ذُكِرَ فِي التَّقْوِيمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْأَمْرَ لَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْوَجْهَيْنِ لَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ اللَّفْظِ إذَا كَانَ وَاحِدًا لَا يُشْتَبَهُ عَلَى السَّامِعِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، وَلَمَا احْتَمَلَهُمَا وَالتَّكْرَارُ مِنْ الْمَرَّةِ يَجْرِي مَجْرَى الْعُمُومِ مِنْ الْخُصُوصِ وَجَبَ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ قَوْلُهُ.
(وَلَنَا أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ أَيْ سَلَّمْنَا أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ اخْتَصَرَتْ لِمَعْنَاهَا مِنْ طَلَبِ الْفِعْلِ) وَلَكِنَّ لَفْظَ الْفِعْلِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الصِّيغَةُ فَرْدٌ سَوَاءٌ قَدَّرْته مُعَرَّفًا كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَوْ مُنَكَّرًا كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَطْلِيقًا أَوْ التَّطْلِيقُ وَبَيْنَ الْفَرْدِ وَالْعَدَدِ تَنَافٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْدَ مَا لَا ثُلُثَ فِيهِ وَالْعَدَدُ مَا تَرَكَّبَ مِنْ الْأَفْرَادِ وَالتَّرَكُّبُ وَعَدَمُهُ مُتَنَافِيَانِ فَكَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدُ مَعْنَى الْفَرْدِ مَعَ أَنَّ الْفَرْدَ مَوْجُودٌ فِي الْعَدَدِ، فَكَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَرْدُ مَعْنَى الْعَدَدِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِيهِ أَصْلًا فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِهَذَا اللَّفْظِ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالضَّرْبِ لَا يَدُلُّ عَلَى خَمْسِ ضَرَبَاتٍ أَوْ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ وَلَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ بَلْ دَلَالَتُهُ عَلَى مُطْلَقِ الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ.
وَقَوْلُهُ مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ مُتَّصِلٌ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ لَفْظُ الْأَمْرِ صِيغَةٌ اُخْتُصِرَتْ إلَى قَوْلِهِ فَرْدٌ، وَقَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ أَيْ وَكَلَفْظِ الْفِعْلِ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْأَمْرُ سَائِرَ أَسْمَاءِ الْمُفْرَدِ أَيْ جَمِيعُ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ الَّتِي صِيغَتُهَا صِيغَةُ فَرْدٍ، وَالْمَصَادِرُ أَيْ سَائِرُ الْمَصَادِرِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا الْأَفْعَالُ مِثْلُ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ فَرْدٌ مُعْتَرَضٌ، وَالْغَرَضُ مِنْ إيرَادِهِ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ سَائِرِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ أَنَّهَا لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدُ كَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْأَمْرُ التَّكْرَارَ، وَأَنْ يَمْنَعَ كَوْنَ اسْمِ الْجِنْسِ عَامًّا أَوْ قَابِلًا لِلْعُمُومِ عَلَى مَا زَعَمَهُ الْخُصُومُ؛ وَلِهَذَا قَالَ وَهُمَا أَيْ تَطْلِيقًا وَالتَّطْلِيقُ اسْمَانِ مُفْرَدَانِ لَيْسَا بِصِيغَتَيْ جَمْعٍ وَلَا عَدَدٍ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ) عَطْفٌ عَلَى النَّظِيرِ أَيْ وَمِثْلُ قَوْلِ الرَّجُلِ طَلِّقِي الْأَمْرُ بِسَائِرِ الْأَفْعَالِ فِي أَنَّ الثَّابِتَ بِهِ لَفْظُ فَرْدٍ لَا اسْمُ عَدَدٍ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ كَوْنَ الْمَصْدَرِ الْمُنَكَّرِ أَوْ الْمُعَرَّفِ الثَّابِتِ بِالْأَمْرِ فَرْدًا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِقَوْلِهِ طَلِّقِي بَلْ هُوَ مُسْتَمِرٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوَامِرِ.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ أَيْ الْمَصْدَرُ الثَّابِتُ بِالْأَمْرِ اسْمُ جِنْسٍ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فَرْدًا غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لِلْعَدَدِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فِي قَوْلِهِ طَلِّقِي نِيَّةُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ عَدَدٌ بِلَا شُبْهَةٍ كَمَا لَا يَصِحُّ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست