responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 124
وَاسْمُ الْفِعْلِ اسْمٌ عَامٌّ لِجِنْسِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِهِ كَسَائِرِ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَوَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ هُوَ مَا ذَكَرْنَا غَيْرَ أَنَّ الْمَصْدَرَ اسْمٌ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ فَأَوْجَبَ الْخُصُوصَ عَلَى احْتِمَالِ الْعُمُومِ أَلَا تَرَى أَنَّ نِيَّةَ الثَّلَاثِ صَحِيحَةٌ، وَهُوَ عَدَدٌ لَا مَحَالَةَ، فَكَذَلِكَ الْمُثَنَّى أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ فِي السُّؤَالِ عَنْ الْحَجِّ أَلِعَامِنَا هَذَا أَوْ لِلْأَبَدِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ الِاسْتِدْلَال بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] أَوْ احْتَجَّ مَنْ ادَّعَى التَّكْرَارَ بِحَدِيثِ «الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ حِينَ قَالَ فِي الْحَجِّ أَلِعَامِنَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ لِلْأَبَدِ» فَلَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ اللَّفْظُ لَمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ قَوْلِك هَذَا خَمْرٌ سَوَاءٌ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: اضْرِبْ وَأَطْلُبُ مِنْك الضَّرْبَ سَوَاءٌ، وَاسْمُ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ اسْمٌ عَامٌّ لِجِنْسِ الْفِعْلِ أَيْ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ لِوُجُودِ حَرْفِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اسْمٌ عَامٌّ لِجِنْسِهِ أَيْ اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ الْفِعْلِ لَا لِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَالْأَصْلُ فِي الْجِنْسِ الْعُمُومُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِعُمُومِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْعُمُومِ فِيمَا أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِهِ وَاجِبٌ كَمَا فِي سَائِرِ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ، وَاعْتَبَرُوا الْأَمْرَ بِالنَّهْيِ فَقَالُوا النَّهْيُ فِي طَلَبِ الْكَفِّ عَنْ الْفِعْلِ مِثْلُ الْأَمْرِ فِي طَلَبِ الْفِعْلِ وَأَنَّهُ يُوجِبُ الدَّوَامَ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْفِعْلَ مَرَّةً ثُمَّ فَعَلَهُ يَكُونُ تَارِكًا لِلنَّهْيِ، فَكَذَلِكَ الْأَمْرُ يُوجِبُهُ حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ مَرَّةً ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْهُ يَكُونُ تَارِكًا لِلْأَمْرِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى الْفِعْلُ مَرَّةً وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَيْهِ النَّسْخُ.
وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ يُؤَدِّي إلَى الْبَدَاءِ إذْ الْفِعْلُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ حَسَنًا وَقَبِيحًا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ، وَاحْتَجَّ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَمْرَ مُخْتَصَرٌ مِنْ طَلَبِ الْفِعْلِ بِالْمَصْدَرِ فَيَقْتَضِي الْمَصْدَرَ غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ بِهِ مَصْدَرٌ نَكِرَةٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ لِلْحَاجَةِ إلَى تَصْحِيحِ الْكَلَامِ وَبِالْمُنْكَرِ يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صِيغَةِ الْأَمْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالنَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ تَخُصُّ وَلَكِنَّهَا تَقْبَلُ الْعُمُومَ بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ، وَهُوَ يَقْبَلُ الْعُمُومَ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 14] وَصَفَ الثُّبُورَ بِالْكَثْرَةِ وَلَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ اللَّفْظُ الْعُمُومَ لَمَا صَحَّ وَصْفُ الثُّبُورِ بِهَا، وَبِمَا ذَكَرْنَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ فِي النَّهْيِ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ ضَرُورَةً لِمَا عُرِفَ فَأَمَّا هَهُنَا فَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ فَتَخُصُّ إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، فَأَمَّا صِحَّةُ النَّسْخِ وَالِاسْتِثْنَاءِ؛ فَلِأَنَّ وُرُودَهُمَا عَلَيْهِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِك مَا رَأَيْت الْيَوْمَ إلَّا زَيْدًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إنْسَانٌ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ، «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» فَسُؤَالُهُ، وَهُوَ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَلَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ» دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْأَقْرَعِ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ عَلَى احْتِمَالِ الْعُمُومِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْوَاوِ لَكَانَ أَحْسَنَ.
وَتَمَسَّكَ الْفَرِيقُ الثَّالِثُ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الدُّلُوكِ لِتَقَيُّدِهِ بِهِ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْجَنَابَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالسُّنَّةُ مِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «، أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» وَقَوْلُهُ «، فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ شَاةٌ» إذْ مَعْنَاهُ أَدُّوا عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ شَاةٌ، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ كَالْعِلَّةِ فَإِنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وُجِدَ الْمَشْرُوطُ مِثْلُ مَا إذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْمَعْلُولُ بَلْ أَقْوَى مِنْهَا الِانْتِفَاءُ الْمَشْرُوطُ بِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ عِنْدَ الْبَعْضِ بِخِلَافِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُولَ لَا يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ لَا خِلَافَ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْعِلَّةِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا، فَكَذَا

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست