responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 126
وَأَمَّا الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ فَلَيْسَتْ بِفَرْدٍ حَقِيقَةً بَلْ هِيَ أَجْزَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَلَكِنَّهَا فَرْدٌ حُكْمًا؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَصَارَتْ مِنْ طَرِيقِ الْجِنْسِ وَاحِدٌ أَلَا تَرَى أَنَّك إذَا عَدَدْت الْأَجْنَاسَ كَانَ هَذَا بِأَجْزَائِهِ وَاحِدًا.
فَكَانَ وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ هُوَ جِنْسٌ، وَلَهُ أَبْعَاضٌ كَالْإِنْسَانِ فَرْدٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ آدَمِيٌّ، وَلَكِنَّهُ ذُو أَجْزَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَصَارَ هَذَا الِاسْمُ الْفَرْدُ وَاقِعًا عَلَى الْكُلِّ بِصِفَةِ أَنَّهُ وَاحِدٌ لَكِنَّ الْأَقَلَّ فَرْدٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَانَ أَوْلَى بِالِاسْمِ الْفَرْدِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ وَالْآخَرُ مُحْتَمَلًا فَأَمَّا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْكُلِّ فَعَدَدٌ مَحْضٌ لَيْسَ بِفَرْدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَلَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى فَلَمْ يَحْتَمِلْهُ الْفَرْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ عِنْدَكُمْ، فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ فَرْدًا اسْمُ جِنْسٍ وَأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْأَدْنَى لِلتَّيَقُّنِ بِفَرْدِيَّتِهِ وَيَحْتَمِلُ كُلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْفَرْدِيَّةِ فِيهِ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّك إذَا عَدَّدْت الْأَجْنَاسَ وَقُلْت أَجْنَاسُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ، وَكَذَا وَكَذَا.
كَانَ هَذَا أَيْ الطَّلَاقُ مَعَ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَاحِدًا مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْوَحْدَةِ فَيُقَالُ الطَّلَاقُ جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ الْحَيَوَانُ جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُهُ ذَا أَجْزَاءٍ فِي الْخَارِجِ فِي تَوَحُّدِهِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ وَلَا تَعَدُّدَ فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ فَرْدًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى صَحَّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَمِلَ اللَّفْظِ فَأَمَّا مَا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْأَقَلِّ، فَلَيْسَ بِفَرْدٍ بِوَجْهٍ فَلَا يَكُونُ مُحْتَمِلَ اللَّفْظِ أَلْبَتَّةَ؛ فَلِهَذَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لِتَعْيِينِ مُحْتَمِلِ اللَّفْظِ لَا لِإِثْبَاتِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ، وَقَوْلُهُ كَالْإِنْسَانِ فَرْدُ آخِرِهِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ جِنْسٌ؛ وَإِنْ كَانَ ذَا أَجْزَاءٍ أَيْ أَفْرَادٍ فِي الْخَارِجِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو، فَكَذَا الطَّلَاقُ وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ ظَاهِرٌ، وَالثَّانِي أَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي هُوَ فِي الْخَارِجِ وَاحِدٌ كَزَيْدٍ مَثَلًا فَرْدٌ حَقِيقَةً مِنْ حَيْثُ هُوَ آدَمِيٌّ؛ وَإِنْ كَانَ ذَا أَجْزَاءٍ فِي نَفْسِهِ أَيْ أَطْرَافٍ وَأَعْضَاءٍ كَالرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، فَكَذَا الطَّلَاقُ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جِنْسٌ؛ وَإِنْ كَانَ ذَا أَجْزَاءٍ ثُلِّثَ، فَصَارَ هَذَا الِاسْمُ الْفَرْدُ أَيْ الطَّلَاقُ أَوْ اسْمُ الْجِنْسِ.
وَقَوْلُهُ وَلَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ لَيْسَ بِفَرْدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تَعْمَلُ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْفَرْدِيَّةِ صُورَةً وَلَا مَعْنًى فَلَمْ يَكُنْ مِنْ مُحْتَمِلَاتِ الْكَلَامِ أَصْلًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا احْتِرَازًا عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الْأَقَلِّ وَالْكُلِّ وَقَوْلُهُ وَلَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى احْتِرَازًا عَمَّا سَنَذْكُرُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فَرْدًا صِيغَةً أَوْ دَلَالَةً أَيْ مَا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْأَقَلِّ لَيْسَ بِفَرْدٍ حَقِيقَةً كَالْأَقَلِّ إذْ هُوَ مُتَعَدِّدٌ، وَلَا حُكْمًا كَالْكُلِّ إذْ هُوَ دُونَهُ، وَلَا صُورَةً أَيْ صِيغَةً كَمَاءٍ أَوْ الْمَاءُ فِي قَوْلِهِ لَا أَشْرَبُ مَاءً أَوْ الْمَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَلَا مَعْنًى كَالنِّسَاءِ فِي قَوْلِهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عِبَارَةً عَنْ الْجِنْسِ بِاعْتِبَارِ اللَّامِ، وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ (فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ، وَلَوْ قَرَنَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ لَاسْتَقَامَ) كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِآخَرَ طَلِّقْ امْرَأَتِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَكَانَتْ الْمَرَّةُ نَصْبًا عَلَى التَّفْسِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ صُمْ أَبَدًا أَوْ أَيَّامًا كَثِيرَةً قُلْنَا هَذَا الْقِرَانُ لَمْ يَصِحَّ لُغَةً عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ لِلْمُحْتَمِلِ وَلَكِنْ عَلَى سَبِيلِ التَّغْيِيرِ إلَى مَعْنًى آخَرَ مَا كَانَ يَحْتَمِلُهُ مُطْلَقُهُ بَلْ يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ إلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ قِرَانُ الشَّرْطِ بِالطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ بِالْجُمْلَةِ عَلَى سَبِيلِ تَغْيِيرِ مُوجِبِهِ إلَى وَجْهٍ آخَرَ لَا عَلَى سَبِيلِ بَيَانِ مُوجَبِ الْمُطْلَقِ مِنْهُ فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا يَحْتَمِلُ التَّأَخُّرَ وَلَا ثِنْتَيْنِ وَلَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً تَأَخَّرَ إلَى شَهْرٍ وَلَمْ يَقَعْ الِاثْنَتَانِ، وَلِهَذَا قَالُوا إذَا قَرَنَ بِالصِّيغَةِ ذِكْرَ الْعَدَدِ فِي الْإِيقَاعِ يَكُونُ الْوُقُوعُ بِلَفْظِ الْعَدَدِ لَا بِأَصْلِ الصِّيغَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلَّقْتُك ثَلَاثًا أَوْ قَالَ وَاحِدَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ ذِكْرِ الْعَدَدِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ عَمَلَ هَذَا الْقِرَانِ فِي التَّغْيِيرِ لَا فِي التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ يَكُونُ مُقَرِّرًا لِلْحُكْمِ الْمُفَسَّرِ لَا مُغَيِّرًا لَهُ، يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست