فذهب قوم إلى أن ذلك دليل على صدقه قطعاً. وقد عده الغزالي من المقطوع بصدقه حيث قال: "كل خبر ذكر بين يدي جماعة أمسكوا عن تكذيبه والعادة تقضي في مثل ذلك بالتكذيب وامتناع السكوت لو كان كذباً، وذلك بأن يكون للخبر وقع في نفوسهم، وهم عدد يمتنع في مستقر العادة التواطؤ عليه بحيث ينكتم لو تواطؤا ولا يتحدثون به، وبمثل هذه الطريقة ثبتت أكثر أعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان ينقل بمشهد جماعات، وكانوا يسكتون عن التكذيب مع استحالة السكوت عن التكذيب على مثلهم، فمهما كمل الشرط وترك النكير كما سبق نزل منزلة قولهم صدقت"[1].
وقيل: إنه يفيد الصدق ظناً لجواز أن لا يكون لهم إطلاع على ما أخبر به، ولأن العادة لا تحيل سكوت الواحد أو الاثنين عن تكذيبه، ولاحتمال أن مانعاً منعهم من تكذيبه، ومع هذه الاحتمالات يمتنع القطع بتصديقه وإن كان صدقه مظنوناً[2].
الثاني: ما علم كذبه وهو:
الأول: ما يعلم خلافه بضرورة العقل أو نظره أو الحس المشاهد أو أخبار التواتر. [1] المستفصى للغزالي مع فواتح الرحموت 1/141. [2] الإحكام للآمدي 2/40 مع تصرف.