وإن كان في أمر دنيوي، فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم لكونه كاذباً فيما أخبر به، أو أنه امتنع عن الإنكار لمانع، أو لعلمه أنه لا فائدة في إنكاره، وعلى هذا فعدم الإنكار لا يدل على صدقه قطعاً، وإن دل عليه ظناً[1].
وأجاب عنه الجلال المحلى بقوله: "وأجيب في الديني بأن سبق البيان أو تأخيره لا يبيح السكوت عند وقوع المنكر لما فيه من أفهام تغيير الحكم في الأول، وتأخير البيان عن وقت الحاجة في الثاني.
وفي الدنيوي بأنه إذا كان كاذباً، ولم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم، يعلمه الله به عصمة له عن أن يقر أحداً على كذب كما أعلمه بكذب المنافقين في قوله: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [2]من حيث تضمنه أن قلوبهم وافقت ألسنتهم في ذلك. وإن كان دينياً. أما إذا وجد حامل على الكذب والتقرير كما إذا كان المخبر ممن يعاند النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينفع فيه الإنكار، فلا يدل السكوت على الصدق قولاً واحداً"[3].
ومنه خبر من أخبر بحضرة جمع عظيم عن أمر محس وسكتوا عن تكذيبه، والعادة تقضي في مثل ذلك بالتكذيب وعدم السكوت لو كان كذباً. [1] انظر: تفاصيله في: الإحكام للآمدي 2/39. [2] سورة المنافقون آية: 1 [3] المحلى على جمع الجوامع مع حاشية العطار 2/156.