وحيث عرفنا معنى التقييد والتخصيص عند الجمهور والحنفية نلخص الفروق بينهما في النقاط التالية على رأي الحنفية مع التنبيه إلى أنه يمكن إرجاع تلك الفروق إلى الاختلاف بين العام والمطلق الذي سبق الكلام عليه في أثناء حديثنا عن دلالة المطلق فنقول:
1 - يؤخذ من تعريف التقييد أنه إخراج ما كان صالحاً لتناول اللفظ المطلق عن طريق البدل لولا ورود المقيد.
كما يؤخذ من تعريف التخصيص أنه إخراج لبعض الأفراد التي استغرقها اللفظ العام بوضعه اللغوي على تقدير عدم المخصص.
2 - التقييد تصرف فيما سكت عنه اللفظ المطلق، وأما التخصيص فهو تصرف فيما تناوله اللفظ العام ظاهراً، فلو قلت: "أعط الرجل الفقير درهماً بعد قولك: "أعط الرجل درهماً" لكان التقييد بالصفة - وهي الفقر هنا - تصرفاً فيما سكت عنه لفظ "الرجل" في وضعه اللغوي وبياناً له؛ لأن لفظ الرجل في وضعه اللغوي إنما يدل على خلاف المرأة، وهو كما ترى لا يدل على غني أو فقير، بل هو ساكت عن ذلك، فجاء التقييد إذاً تصرفاً فيما سكت عنه اللفظ في الوضع اللغوي ومبيناً لما لم يتناوله لغة بخلاف التخصيص؛ فإنه تصرف فيما تناوله اللفظ ظاهراً؛ لأنه لو قيل في العام: "عاقب المذنبين" ثم قيل: "لا تعاقب الأطفال منهم"، لكان القسم الأول من الكلام وهو "عاقب المذنبين" متناولاً للقسم الثاني بوضعه اللغوي، وعملاً بدلالة العموم، فجاء الشطر الثاني من الكلام متصرفاً فيما