فأساس التفرقة يقوم على أن مفهوم التخصيص عند الحنفية أخص منه لدى الجمهور؛ إذ يشترط الحنفية في المخصص للعام ابتداءً إذا كان كلاماً[1] أن تتوفر فيه ثلاثة شروط لا يرى الجمهور اشتراطها في المخصص.
الأول: استقلال المخصص في المعنى؛ بحيث يكون نصاً مفيداً تام المعنى في ذاته.
الثاني: أن يكون مقارناً للعام في زمن تشريعه.
الثالث: مساواته للعام في الدلالة والثبوت، فإذا كان الدليل غير مستقل في معناه فهو عند الحنفية يسمى قصراً لا تخصيصاً، ومرادهم من هذا الدليل غير المستقل المخصصات المتصلة، كالصفة والشرط والغاية ونحوها؛ فإن كلاً من هذه القيود لو فصل عما قبله لم يفدْ شيئاً؛ إذ هي ليست مستقلة في معناها، بل هي تابعة للكلام السابق[2]، على أن الحنفية يجوزون إطلاق لفظ القصر على التخصيص دون العكس، وبذلك يكون القصر عندهم أعم، فكل تخصيص قصر وليس كل قصر تخصيصاً[3]. [1] نشير هنا إلى أن التقييد قد يكون بالنقل (النصوص) وقد يكون بالعقل أو العرف، وهذه الشروط الثلاثة خاصة بالنقل، المناهج الأصولية ص: 265، ومسلم الثبوت 2/300. [2] مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت 2/300. [3] كشف الأسرار على أصول البزدوي 1/306، والمناهج الأصولية ص: 566.