والأحسن من ذلك أن يحمل القول بالاشتراط على المساواة في الحجية فقط، فيؤول الأمر إلى الاتفاق، أو يحمل التعارض على معناه الخاص عند المشترطين للمساواة ويكون مقصودهم بالتعارض التناقض والتضاد، ويحمل القول بعدم الاشتراط على المعنى العام للتعارض، أو نقول: إن المساواة شرط لبقاء المعارضة لا في وجودها كما قال الشافعية قبل قليل.
الشرط الثاني:
أن لا يعلم تأخر أحد الدليلين المتعارضين عن الآخر، وهذا الشرط في الحقيقة مرتبط بالشرط السابق، كثمرة له، وهدف من أهدافه؛ ذلك أن الحنفية عندما اشترطوا المساواة بين المتعارضين أرادوا أن يُضَمِّنُوا ذلك أمرين:
أولهما:
تضييق دائرة التعارض بين الأدلة في أقل صورة ممكنة كما سبق حصر ذلك في صورتين فقط.
ثانيهما:
القول بنسخ المتقدم من الدليلين المتعارضين بالمتأخر منهما إذا تساويا في قوة الثبوت والدلالة، ومن هنا كان بدهياً أن يشترط الحنفية هذا الشرط في حمل المطلق على المقيد، وقد وجد ذلك منهم فعلاً حيث قالوا: (إذا علم تأخر المطلق أو المقيد كان المتأخر منهما ناسخاً، بشرط أن