responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 310
إلَى مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ إفْسَادِ الصَّوْمِ حَتَّى يَتَعَدَّى إلَى الْأَكْلِ افْتَقَرَ إلَى دَلِيلٍ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ عَنْ هَذِهِ الْإِضَافَاتِ، فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْإِضَافَاتِ اللَّفْظِيَّةِ إيمَاءً كَانَ أَوْ صَرِيحًا؛ أَمَّا مَا يَحْدُثُ بِحُدُوثِ وَصْفٍ كَحُدُوثِ الشِّدَّةِ فَفِي إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ نَظَرٌ سَيَأْتِي فِي الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ

[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي إثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى كَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً فِي الْحُكْمِ]
ِ: مِثَالُهُ قَوْلُهُمْ: إذَا قُدِّمَ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمِيرَاثِ التَّقْدِيمُ بِسَبَبِ امْتِزَاجِ الْأُخُوَّةِ، وَهُوَ الْمُؤَثِّرُ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْجَهْلُ بِالْمَهْرِ يُفْسِدُ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ جَهْلٌ بِعِوَضٍ فِي مُعَاوَضَةٍ فَصَارَ كَالْبَيْعِ، إذْ الْجَهْلُ مُؤَثِّرٌ فِي الْإِفْسَادِ فِي الْبَيْعِ بِالِاتِّفَاقِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ: يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ، وَإِنْ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَلِفَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَيَضْمَنُ كَمَا فِي الْغَصْبِ، وَهَذَا الْوَصْفُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي الْغَصْبِ اتِّفَاقًا: وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْحَنَفِيُّ: صَغِيرَةٌ، فَيُوَلِّي عَلَيْهَا قِيَاسًا لِلثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ، فَالْمُطَالَبَةُ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ إثْبَاتِ عِلَّةِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا بِالِاتِّفَاقِ مُؤَثِّرَةٌ وَيَبْقَى سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لِمَ قُلْتُمْ إذَا أَثَّرَ امْتِزَاجُ الْأُخُوَّةِ فِي التَّقْدِيمِ فِي الْإِرْثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَثِّرَ فِي النِّكَاحِ؟ وَإِذَا أَثَّرَ الصِّغَرُ فِي الْبِكْرِ فَهُوَ يُؤَثِّرُ فِي الثَّيِّبِ؟ وَهَذَا السُّؤَالُ إمَّا أَنْ يُوَجِّهَهُ الْمُجْتَهِدُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ يُوَجِّهَهُ الْمُنَاظِرُ فِي الْمُنَاظَرَةِ؛ أَمَّا الْمُجْتَهِدُ فَيَدْفَعُهُ بِوَجْهَيْنِ
أَحَدِهِمَا: أَنْ يَعْرِفَ مُنَاسَبَةَ الْمُؤَثِّرِ كَالصِّغَرِ فَإِنَّهُ يُسَلِّطُ الْوَلِيَّ عَلَى التَّزْوِيجِ لِلْعَجْزِ، فَنَقُولُ: الثَّيِّبُ كَالْبِكْرِ فِي هَذِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ إلَّا كَذَا، وَكَذَا وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّأْثِيرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي إلْحَاقِ الْأَمَةِ بِالْعَبْدِ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ وَنَظَائِرِهِ، فَيَكُونُ هَذَا الْقِيَاسُ تَمَامَهُ بِالتَّعَرُّضِ لِلْجَامِعِ وَنَفْيِ الْفَارِقِ جَمِيعًا، وَإِنْ ظَهَرَتْ الْمُنَاسَبَةُ اُسْتُغْنِيَ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْفَارِقِ، وَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مِنْ مُنَاظِرٍ فَيَكْفِي أَنْ يُقَالَ الْقِيَاسُ لِتَعْدِيَةِ الْعِلَّةِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ، وَمَا مِنْ تَعْدِيَةٍ إلَّا وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا هَذَا السُّؤَالُ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَحَ هَذَا الْبَابُ بَلْ يُكَلَّفُ الْمُعْتَرِضُ الْفَرْقَ أَوْ التَّنْبِيهَ عَلَى مُثَارِ خَيَالِ الْفَرْقِ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: أُخُوَّةُ الْأُمِّ أَثَّرَتْ فِي الْمِيرَاثِ فِي التَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَهَا يُؤَثِّرُ فِي التَّوْرِيثِ؟ فَلِمَ قُلْتَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي التَّرْجِيحِ مَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّأْثِيرِ فَيُسْتَعْمَلُ حَيْثُ لَا يَسْتَقِلُّ فَتُقْبَلُ الْمُطَالَبَةُ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ إبْدَائِهِ فِي مَعْرِضِ الْفَرْقِ ابْتِدَاءً؟
أَمَّا إذَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى مُثَارِ خَيَالِ الْفَرْقِ، وَأَصَرَّ عَلَى صَرْفِ الْمُطَالَبَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْطَلِحَ الْمُنَاظِرُونَ عَلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ بَابًا مِنْ اللَّجَاجِ لَا يَنْسَدُّ، وَلَا يَجُوزُ إرْهَافُهُ إلَى طَلَبِ الْمُنَاسَبَةِ، فَإِنَّ مَا ظَهَرَ تَأْثِيرٌ بِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ فَهُوَ عِلَّةٌ نَاسَبَ أَوْ لَمْ يُنَاسِبْ فَقَدْ قَالَ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» فَنَحْنُ نَقِيسُ عَلَيْهِ ذِكْرَ غَيْرِهِ وَلَا مُنَاسَبَةَ، وَلَكِنْ نَقُولُ: ظَهَرَ تَأْثِيرُ الْمَسِّ وَلَا مَدْخَلَ لِلْفَارِقِ فِي التَّأْثِيرِ. فَإِنَّهُ، وَإِنْ ظَهَرَ مُنَاسَبَتُهُ أَيْضًا فَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ اعْتِبَارُ الْمُنَاسِبِ بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ، إذْ السَّرِقَةُ تُنَاسِبُ الْقَطْعَ، ثُمَّ تَخْتَصُّ بِالنِّصَابِ، وَالزِّنَا يُنَاسِبُ الرَّجْمَ ثُمَّ يَخْتَصُّ بِالْمُحْصَنِ، فَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُنَاسِبِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ:
لِمَ قُلْتَ إذَا أَثَّرَ هَذَا الْمُنَاسِبُ، وَهُوَ الصِّغَرُ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَثِّرَ فِي وِلَايَةِ الْبُضْعِ، وَإِذَا أَثَّرَ فِي الْبِكْرِ يُؤَثِّرُ فِي الثَّيِّبِ، وَإِذَا أَثَّرَ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ الِابْنِ يُؤَثِّرُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ الْبِنْتِ؟ وَمِنْ الْمُنَاسَبَاتِ مَا يَخْتَصُّ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست