responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 304
أَنْ يُحَرِّمَ الْخَمْرَ لِشِدَّةِ الْخَمْرِ خَاصَّةً وَيُفَرِّقَ بَيْنَ شِدَّةِ الْخَمْرِ وَشِدَّةِ النَّبِيذِ، وَأَمَّا فِي جَانِبِ الْفِعْلِ فَمَنْ تَنَاوَلَ الْعَسَلَ لِحَلَاوَتِهِ، وَلِفَرَاغِ مَعِدَتِهِ وَصِدْقِ شَهْوَتِهِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ عَسَلٍ وَعَسَلٍ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْكُلَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لِزَوَالِ الشَّهْوَةِ وَامْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَاخْتِلَافِ الْحَالِ، فَمَا ثَبَتَ لِلشَّيْءِ ثَبَتَ لِمِثْلِهِ كَانَ ذَلِكَ فِي تَرْكٍ أَوْ فِعْلٍ؛ لَكِنَّ الْمَثَلَ الْمُطْلَقَ لَا يُتَصَوَّرُ إذْ الِاثْنَيْنِيَّةُ شَرْطُ الْمِثْلِيَّةِ
وَمِنْ شَرْطِ الِاثْنَيْنِيَّةِ مُغَايَرَةٌ وَمُخَالَفَةٌ، وَإِذَا جَاءَتْ الْمُخَالَفَةُ بَطَلَتْ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذَا لَهُ غَوْرٌ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَيَانِهِ. هَذَا تَمَامُ النَّظَرِ فِي إثْبَاتِ أَصْلِ الْقِيَاسِ عَلَى مُنْكِرِيهِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي طَرِيقِ إثْبَاتِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]
ِ وَكَيْفِيَّةِ إقَامَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ آحَادِ الْأَقْيِسَةِ وَنُنَبِّهُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ عَلَى مُثَارَاتِ الِاحْتِمَالِ فِي كُلِّ قِيَاسٍ، إذْ لَا حَاجَةَ إلَى الدَّلِيلِ إلَّا فِي مَحَلِّ الِاحْتِمَالِ، ثُمَّ عَلَى انْحِصَارِ الدَّلِيلِ فِي الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، ثُمَّ عَلَى انْقِسَامِ الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ إلَى ظَنِّيَّةٍ وَقَطْعِيَّةٍ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مُقَدِّمَاتٍ.
الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى: فِي مَوَاضِعِ الِاحْتِمَالِ مِنْ كُلِّ قِيَاسٍ، وَهِيَ سِتَّةٌ:
الْأَوَّلُ: يَجُوز أَنْ لَا يَكُونَ الْأَصْلُ مَعْلُولًا عِنْد اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونَ الْقَائِسُ قَدْ عَلَّلَ مَا لَيْسَ بِمُعَلَّلٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعَلَّلًا فَلَعَلَّهُ لَمْ يُصِبْ مَا هُوَ الْعِلَّةُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ عَلَّلَهُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ إنْ أَصَابَ فِي أَصْلِ التَّعْلِيلِ، وَفِي عَيْنِ الْعِلَّةِ فَلَعَلَّهُ قَصُرَ عَلَى وَصْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَهُوَ مُعَلَّلٌ بِهِ مَعَ قَرِينَةٍ أُخْرَى زَائِدَةٍ عَلَى مَا قَصُرَ اعْتِبَارُهُ عَلَيْهِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ إلَى الْعِلَّةِ وَصْفًا لَيْسَ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ فَزَادَ عَلَى الْوَاحِدِ.
الْخَامِسُ: أَنْ يُصِيبَ فِي أَصْلِ الْعِلَّةِ وَتَعْيِينِهَا وَضَبْطِهَا لَكِنْ يُخْطِئُ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ فَيَظُنُّهَا مَوْجُودَةً بِجَمِيعِ قُيُودِهَا وَقَرَائِنِهَا وَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى تَصْحِيحِ الْعِلَّةِ بِمَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْقِيَاسُ، وَإِنْ أَصَابَ الْعِلَّةَ، كَمَا لَوْ أَصَابَ بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ وَالْحَدْسِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَكَمَا لَوْ ظَنَّ الْقِبْلَةَ فِي جِهَةٍ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَصَلَّى، فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ. وَزَادَ آخَرُونَ احْتِمَالًا سَابِعًا، وَهُوَ الْخَطَأُ فِي الْقِيَاسِ، إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْقِيَاسِ فِي الشَّرْعِ بَاطِلًا. وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ صِحَّةَ الْقِيَاسِ لَيْسَ مَظْنُونًا بَلْ هُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَلَوْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ احْتِمَالٌ لَتَطَرَّقَ إلَى جَمِيعِ الْقَطْعِيَّاتِ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْمُثَارَاتُ السِّتَّةُ لِاحْتِمَالِ الْخَطَأِ إنَّمَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَفِي مَوْضِعٍ يُقَدَّرُ نَصْبُ اللَّهِ تَعَالَى أَدِلَّةً قَاطِعَةً يُتَصَوَّرُ أَنْ يُحِيطَ بِهَا النَّاظِرُ، أَمَّا مَنْ قَالَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فَلَيْسَ فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ مُعَيَّنٌ هُوَ الْعِلَّةُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُخْطِئَ أَصْلَهَا أَوْ وَصْفَهَا، بَلْ الْعِلَّةُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّ كُلِّ مُجْتَهِدٍ مَا ظَنَّهُ عِلَّةً فَلَا يُتَصَوَّرُ الْخَطَأُ، وَلَكِنَّهُ عَلَى الْجُمْلَةِ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ فِي هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَدِلَّةً ظَنِّيَّةً.
الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا سَمْعِيَّةً، بَلْ لَا مَجَالَ لِلنَّظَرِ الْعَقْلِيِّ فِي هَذِهِ الْمُثَارَاتِ إلَّا فِي تَحْقِيقِ وُجُودِ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ إذَا كَانَتْ مَحْسُوسَةً كَالسُّكْرِ وَالطَّعْمِ وَالطَّوْفِ فِي السُّؤْرِ فَوُجُودُ ذَلِكَ فِي النَّبِيذِ وَالْأُرْزِ وَالْفَأْرَةِ قَدْ يُعْلَمُ بِالْحِسِّ وَبِالْأَدِلَّةِ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست