responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 269
الْقِسْمَيْنِ فَلَا دَاعِيَ لَهُ إلَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ، وَإِلَّا صَارَ الْكَلَامُ لَغْوًا، وَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا عَكْسُ الْوَاجِبِ، فَإِنَّكُمْ جَعَلْتُمْ طَلَبَ الْفَائِدَةِ طَرِيقًا إلَى مَعْرِفَةِ وَضْعِ اللَّفْظِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ أَوَّلًا الْوَضْعُ ثُمَّ تُرَتَّبُ الْفَائِدَةُ عَلَيْهِ،، وَالْعِلْمُ بِالْفَائِدَةِ ثَمَرَةُ مَعْرِفَةِ الْوَضْعِ أَمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ تَبَعَ مَعْرِفَةِ الْفَائِدَةِ فَلَا.
الثَّانِي: هُوَ أَنَّ عِمَادَ هَذَا الْكَلَامِ أَصْلَانِ
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَائِدَةِ التَّخْصِيصِ
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ إلَّا اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ، وَالنَّتِيجَةُ أَنَّهُ الْفَائِدَةُ إذًا، وَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَائِدَةٍ؛ لَكِنَّ الْأَصْلَ الثَّانِيَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ إلَّا هَذَا فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ فَلَعَلَّ فِيهِ فَائِدَةً، فَلَيْسَتْ الْفَائِدَةُ مَحْصُورَةً فِي هَذَا بَلْ الْبَوَاعِثُ عَلَى التَّخْصِيصِ كَثِيرَةٌ، وَاخْتِصَاصُ الْحُكْمِ أَحَدُ الْبَوَاعِثِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ كَانَ لَهُ فَائِدَةٌ أَوْ عَلَيْهِ بَاعِثٌ سِوَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ لَعَرَفْنَاهُ. قُلْنَا وَلِمَ قُلْتُمْ إنَّ كُلَّ فَائِدَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لَكُمْ؟ فَلَعَلَّهَا حَاضِرَةٌ، وَلَمْ تَعْثُرُوا عَلَيْهَا، فَكَأَنَّمَا جَعَلْتُمْ عَدَمَ عِلْمِ الْفَائِدَةِ عِلْمًا بِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ فَعِمَادُ هَذَا الدَّلِيلِ هُوَ الْجَهْلُ بِفَائِدَةٍ أُخْرَى.
الثَّالِثُ وَهُوَ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ عَلَى هَذَا الْمَسْلَكِ: أَنَّ تَخْصِيصَ اللَّقَبِ لَا يَقُولُ بِهِ مُحَصِّلٌ فَلِمَ لَمْ تَطْلُبُوا الْفَائِدَةَ فِيهِ؟ فَإِذَا خَصَّصَ الْأَشْيَاءَ السِّتَّةَ فِي الرِّبَا، وَعَمَّمَ الْحُكْمَ فِي الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَطْعُومَاتِ كُلِّهَا، وَخَصَّصَ الْغَنَمَ بِالزَّكَاةِ مَعَ وُجُوبِهَا فِي الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ فَمَا سَبَبُهُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْحُكْمِ؟ فَيُقَالُ: لَعَلَّ إلَيْهِ دَاعِيًا مِنْ سُؤَالٍ أَوْ حَاجَةٍ أَوْ سَبَبٍ لَا نَعْرِفُهُ، فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ فِي تَخْصِيصِ الْوَصْفِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ فِي تَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِالصِّفَةِ الْخَاصَّةِ فَوَائِدَ.
الْأُولَى: أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ جَمِيعَ مَحَلِّ الْحُكْمِ لَمْ يَبْقَ لِلِاجْتِهَادِ مَجَالٌ فَأَرَادَ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ الْأَلْقَابِ، وَالْأَوْصَافِ بِالذِّكْرِ أَنْ يُعَرِّضَ الْمُجْتَهِدِينَ لِثَوَابٍ جَزِيلٍ فِي الِاجْتِهَادِ إذْ بِذَلِكَ تَتَوَفَّرُ دَوَاعِيهِمْ عَلَى الْعِلْمِ، وَيَدُومُ الْعِلْمُ مَحْفُوظًا بِإِقْبَالِهِمْ، وَنَشَاطِهِمْ فِي الْفِكْرِ، وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَلَوْلَا هَذَا لَذَكَرَ لِكُلِّ حُكْمٍ رَابِطَةً عَامَّةً جَامِعَةً لِجَمِيعِ مَجَارِي الْحُكْمِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلْقِيَاسِ مَجَالٌ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: " فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ "، وَلَمْ يُخَصِّصْ السَّائِمَةَ لَجَازَ لِلْمُجْتَهِدِ إخْرَاجُ السَّائِمَةِ عَنْ الْعُمُومِ بِالِاجْتِهَادِ الَّذِي يَنْقَدِحُ لَهُ، فَخَصَّ السَّائِمَةَ بِالذِّكْرِ لِتُقَاسَ الْمَعْلُوفَةُ عَلَيْهَا إنْ رَأَى أَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا أَوْ لَا تَلْحَقُ بِهَا فَتَبْقَى السَّائِمَةُ بِمَعْزِلٍ عَنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: " لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ " رُبَّمَا أَدَّى اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ إلَى إخْرَاجِ الْبُرِّ، وَالتَّمْرِ، فَنَصَّ عَلَى مَا لَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِهِ، وَتَرَكَ مَا هُوَ مَوْكُولٌ إلَى الِاجْتِهَادِ لَا سِيَّمَا، وَلَوْ ذُكِرَ الطَّعَامُ أَوْ الْغَنَمُ، وَهُوَ لَفْظٌ عَامٌّ لَصَارَ عِنْدَ الْوَاقِفِيَّةِ مُحْتَمِلًا لِلْعُمُومِ وَلِلْبُرِّ خَاصَّةً أَوْ التَّمْرِ خَاصَّةً وَلِلْمَعْلُوفَةِ خَاصَّةً وَلِلسَّائِمَةِ خَاصَّةً، فَأَخْرَجَ الْمَخْصُوصَ عَنْ مَحَلِّ الْوَقْفِ، وَالشَّكِّ وَرَدَّ الْبَاقِيَ إلَى الِاجْتِهَادِ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ اللُّطْفِ، وَالصَّلَاحِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ عَلَى التَّخْصِيصِ لِلْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ عُمُومَ وُقُوعٍ أَوْ خُصُوصَ سُؤَالٍ أَوْ وُقُوعَ وَاقِعَةٍ أَوْ اتِّفَاقَ مُعَامَلَةٍ فِيهَا خَاصَّةٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابٍ لَا نَطَّلِعُ عَلَيْهَا، فَعَدَمُ عِلْمِنَا بِذَلِكَ لَا يُنَزَّلُ بِمَنْزِلَةِ عِلْمِنَا بِعَدَمِ ذَلِكَ، بَلْ نَقُولُ: لَعَلَّ إلَيْهِ دَاعِيًا لَمْ نَعْرِفْهُ فَكَذَلِكَ فِي الْأَوْصَافِ.
الْمَسْلَكُ الثَّامِنُ: قَوْلُهُمْ إنَّ التَّعْلِيقَ بِالصِّفَةِ كَالتَّعْلِيقِ بِالْعِلَّةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الثُّبُوتَ بِثُبُوتِ الْعِلَّةِ، وَالِانْتِفَاءَ بِانْتِفَائِهَا، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْعِلَّةِ، وَالصِّفَةُ وَاحِدَةٌ فَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ يُوجِبُ ثُبُوتَهُ بِثُبُوتِهَا أَمَّا انْتِفَاؤُهُ بِانْتِفَائِهَا فَلَا بَلْ يَبْقَى بَعْدَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى مَا

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست