responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 226
كَقَوْلِكَ: " مُشْرِكٌ، وَسَارِقٌ " فَلَا يَتَنَاوَلُ إلَّا وَاحِدًا.
الْخَامِسُ: الْأَلْفَاظُ الْمُؤَكِّدَةُ، كَقَوْلِهِمْ: " كُلُّ " " وَجَمِيعُ " " وَأَجْمَعُونَ " " وَأَكْتَعُونَ ". تَفْصِيلُ الْمَذَاهِبِ: اعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ، فَقَالَ قَوْمٌ يُلَقَّبُونَ بِأَرْبَابِ الْخُصُوصِ: إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ، وَهُوَ إمَّا اثْنَانِ، وَإِمَّا ثَلَاثَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ وَقَالَ أَرْبَابُ الْعُمُومِ: هُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ بِالْوَضْعِ إلَّا أَنْ يُتَجَوَّزَ بِهِ عَنْ وَضْعِهِ. وَقَالَتْ الْوَاقِفِيَّةُ: لَمْ يُوضَعْ لَا لِخُصُوصٍ، وَلَا لِعُمُومٍ بَلْ أَقَلُّ الْجَمْعِ دَاخِلٌ فِيهِ لِضَرُورَةِ صِدْقِ اللَّفْظِ بِحُكْمِ الْوَضْعِ، وَهُوَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الِاسْتِغْرَاقِ لِلْجَمِيعِ أَوْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَقَلِّ أَوْ تَنَاوُلِ صِنْفٍ أَوْ عَدَدٍ بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالِاسْتِغْرَاقُ مُشْتَرَكٌ يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَقْسَامِ كَاشْتِرَاكِ لَفْظِ الْفِرْقَةِ، وَالنَّفَرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَالْخَمْسَةِ، وَالسِّتَّةِ، إذْ يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَيْسَ مَخْصُوصًا فِي الْوَضْعِ بِعَدَدٍ، وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَجُوزَ إطْلَاقُهُ. ثُمَّ أَرْبَابُ الْعُمُومِ اخْتَلَفُوا فِي التَّفْصِيلِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ:
الْأُولَى: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ، وَالْمُنَكَّرِ.
فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِنَا " اضْرِبُوا الرِّجَالَ " وَبَيْنَ قَوْلِنَا " اضْرِبُوا رِجَالًا " " وَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ " " وَاقْتُلُوا مُشْرِكِينَ " وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُبَّائِيُّ وَقَالَ قَوْمٌ: يَدُلُّ الْمُنَكَّرُ عَلَى جَمْعٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَلَا مُقَدَّرٍ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ بِالْأَلِفِ، وَاللَّامِ كَالسَّارِقِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ، وَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْعَامِلِينَ فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى، وَأَلْيَقُ بِمَذْهَبِ أَرْبَابِ الْعُمُومِ الثَّالِثَةُ: الِاسْمُ الْمُفْرَدُ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَلِفُ، وَاللَّامُ، كَقَوْلِهِمْ: الدِّينَارُ خَيْرٌ مِنْ الدِّرْهَمِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ لِتَعْرِيفِ الْوَاحِدِ فَقَطْ، وَذَلِكَ فِي تَعْرِيفِ الْمَعْهُودِ وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَقَالَ قَوْمٌ: يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ، وَالْجِنْسِ وَلِبَعْضِ الْجِنْسِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ، وَمَذْهَبُ الْوَاقِفِيَّةِ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مُشْتَرَكَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ حَتَّى كُلُّ " " وَكُلَّمَا " " وَأَيُّ " " وَاَلَّذِي " " وَمَنْ " " وَمَا " وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ قَوْمٌ: إنَّمَا التَّوَقُّفُ فِي الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَخْبَارِ، وَالْوَعْدِ، وَالْوَعِيدِ، أَمَّا الْأَمْرُ، وَالنَّهْيُ فَلَا، فَإِنَّا مُتَعَبَّدُونَ بِفَهْمِهِ، وَلَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا لَكَانَ مُجْمَلًا غَيْرَ مَفْهُومٍ، وَهَذَا فَاسِدٌ لَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِ الْوَاقِفِيَّةِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَهُمْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ جِنْسٍ، وَجِنْسٍ، إذْ الْعَرَبُ تُرِيدُ بِصِيَغِ الْجَمْعِ الْبَعْضَ فِي كُلِّ جِنْسٍ كَمَا تُرِيدُ الْكُلَّ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: " فَعَلُوا، وَافْعَلُوا " وَقَوْلُهُمْ قُتِلَ الْمُشْرِكُونَ وَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ " وَلِأَنَّ مِنْ الْأَخْبَارِ مَا تُعُبِّدَ بِفَهْمِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 29] ، وَقَوْلِهِ: {، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] .
تَنْبِيهٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْوَاقِفِيَّةُ: الْوَقْفُ فِي أَلْفَاظِ الْعُمُومِ جَائِزٌ، وَفِيمَا مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْعُمُومِ وَاجِبٌ فَقَدْ أَطْلَقَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ لَا يُسَلِّمُ أَنَّهُ لَفْظُ الْعُمُومِ كَمَا لَا يُسَلِّمُ أَنَّهُ لَفْظُ الْخُصُوصِ إلَّا أَنْ يُعْنَى بِهِ أَنَّهُ لَفْظُ الْعُمُومِ عِنْدَ مُعْتَقِدِي الْعُمُومِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: التَّوَقُّفُ فِي صِيَغِ الْجُمُوعِ، وَأَدَوَاتِ الشَّرْطِ وَاجِبٌ.

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست