responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 195
فَالْبِنْتُ الرَّقِيقَةُ وَالْكَافِرَةُ لَا تَرِثُ شَيْئًا، فَيَقُولُ: مَا خَطَرَ بِبَالِي هَذَا، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ غَيْرَ الرَّقِيقَةِ وَالْكَافِرَةَ. وَيَقُولُ الْأَبُ: إذَا انْفَرَدَ يَرِثُ الْمَالَ أَجْمَعَ، فَيُقَالُ: الْأَبُ الْكَافِرُ أَوْ الرَّقِيقُ لَا يَرِثُ، فَيَقُولُ: إنَّمَا خَطَرَ بِبَالِي الْأَبُ غَيْرُ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ. فَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
وَإِذَا أَرَادَ السَّبْعَةَ بِالْعَشَرَةِ فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِذَا اعْتَقَدَ الْعُمُومَ قَطْعًا فَذَلِكَ لِجَهْلِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ مُحْتَمِلٌ لِلْخُصُوصِ وَعَلَيْهِ الْحُكْمُ بِالْعُمُومِ إنْ خُلِّيَ وَالظَّاهِرِ، وَيُنْتَظَرُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى الْخُصُوصِ أَيْضًا.
الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ إنْ جَازَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى مُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ طَوِيلَةً كَانَتْ أَوْ قَصِيرَةً فَهُوَ تَحَكُّمٌ، وَإِنْ جَازَ إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، فَرُبَّمَا يُخْتَرَمُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبْلَ الْبَيَانِ فَيَبْقَى الْعَامِلُ بِالْعُمُومِ فِي وَرْطَةِ الْجَهْلِ مُتَمَسِّكًا بِعُمُومِ مَا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. قُلْنَا: النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُؤَخِّرُ الْبَيَانَ إلَّا إذَا جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ أَوْ أُوجِبَ وَعُيِّنَ لَهُ وَقْتُ الْبَيَانِ وَعُرِفَ أَنَّهُ يَبْقَى إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنْ اُخْتُرِمَ قَبْلَ الْبَيَانِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَيَبْقَى الْعَبْدُ مُكَلَّفًا بِالْعُمُومِ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْعُمُومَ ظَاهِرًا وَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ، كَمَا لَوْ اُخْتُرِمَ قَبْلَ النَّسْخِ لِمَا أُمِرَ بِنَسْخِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى مُكَلَّفًا بِهِ دَائِمًا.
فَإِنْ أَحَالُوا اخْتِرَامَهُ قَبْلَ تَبْلِيغِ النَّسْخِ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِيهِ فَيَسْتَحِيلُ أَيْضًا اخْتِرَامُهُ قَبْلَ بَيَانِ الْخُصُوصِ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَلَا فَرْقَ.

[مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ فِي الْعُمُومِ]
مَسْأَلَةٌ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُجَوِّزِينَ لِتَأْخِيرِ الْبَيَانِ فِي الْعُمُومِ إلَى مَنْعِ التَّدْرِيجِ فِي الْبَيَانِ
فَقَالُوا إذَا ذُكِرَ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ الْعُمُومِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ جَمِيعُ مَا يَخْرُجُ، وَإِلَّا أَوْهَمَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالَ الْعُمُومِ فِي الْبَاقِي. وَهَذَا أَيْضًا غَلَطٌ، بَلْ مَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ فَهُوَ الْمُخْطِئُ، فَإِنَّهُ كَمَا كَانَ يُجَوِّزُ الْخُصُوصَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى تَجَوُّزًا لَهُ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ أُخْرِجَ الْبَعْضُ،؛ إذْ لَيْسَ فِي إخْرَاجِ الْبَعْضِ تَصْرِيحٌ بِحَسْمِ سَبِيلٍ لِشَيْءٍ آخَرَ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] فَسُئِلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الِاسْتِطَاعَةِ، فَقَالَ: " الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ " وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَمْنِ الطَّرِيقِ وَالسَّلَامَةِ وَطَلَبِ الْخِفَارَةِ، وَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَتَبَيَّنَ بِدَلِيلٍ آخَرَ بَعْدَهُ وَقَالَ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] ثُمَّ ذَكَرَ النِّصَابَ بَعْدَهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحِرْزَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ كَانَ يُخْرِجُ شَيْئًا شَيْئًا مِنْ الْعُمُومِ عَلَى قَدْرِ وُقُوعِ الْوَقَائِعِ، وَكَذَلِكَ يُخْرِجُ مِنْ قَوْلِهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] أَهْلَ الذِّمَّةِ مَرَّةً وَالْعَسِيفَ مَرَّةً وَالْمَرْأَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَكَذَلِكَ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَلَا إحَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَتَى يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الْحُكْمُ بِالْعُمُومِ وَلَا يَزَالُ مُنْتَظِرًا لِدَلِيلٍ بَعْدَهُ؟ قُلْنَا: سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ طَرِيقُ الْبَيَانِ لِلْمُجْمَلِ وَالتَّخْصِيصِ لِلْعُمُومِ كَطَرِيقِ الْمُجْمَلِ وَالْعُمُومِ]
ِ حَتَّى يَجُوزَ بَيَانُ مُجْمَلِ الْقُرْآنِ وَعُمُومِهِ وَمَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، خِلَافًا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا التَّخْصِيصَ فِي عُمُومِ الْقُرْآنِ وَالْمُتَوَاتِرِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَأَمَّا الْمُجْمَلُ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَعَدَدِ رَكَعَاتِهَا وَمِقْدَارِ وَاجِبِ الزَّكَاةِ وَجِنْسِهَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَيَّنَ إلَّا بِطَرِيقٍ قَاطِعٍ.
وَأَمَّا مَا لَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ الْحَدِّ وَذِكْرِ أَحْكَامِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ فَيَجُوزُ أَنْ يُبَيَّنَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست