responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 133
الرَّاوِي الْعَمَلُ إذَا قَطَعَ بِأَنَّهُ سَمِعَ، وَعَلَى غَيْرِهِمَا الْعَمَلُ جَمْعًا بَيْنَ تَصْدِيقِهِمَا. وَالْحَاكِمُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ الْمُزَوِّرِ الظَّاهِرِ الْعَدَالَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الشَّاهِدِ. وَيَجِبُ عَلَى الْعَامِّيِّ الْعَمَلُ بِفَتْوَى الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَغَيُّرَ اجْتِهَادِهِ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يَعْمَلُ بِهِ بَعْدَ التَّغَيُّرِ لِأَنَّهُ عَلِمَهُ، فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْعَمَلِ بِهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْمُتَكَلِّمِينَ؛ وَهَذَا لِأَنَّ النِّسْيَانَ غَالِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ وَأَيُّ مُحَدِّثٍ يَحْفَظُ فِي حِينِهِ جَمِيعَ مَا رَوَاهُ فِي عُمْرِهِ؟ فَصَارَ كَشَكِّ الشَّيْخِ فِي زِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ أَوْ فِي إعْرَابٍ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يُبْطِلْ الْحَدِيثَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهِ فَكَذَلِكَ أَصْلُ الْحَدِيثِ.

[مَسْأَلَةٌ انْفِرَادُ الثِّقَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ]
عَنْ جَمَاعَةِ النَّقَلَةِ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِنَقْلِ حَدِيثٍ عَنْ جَمِيعِ الْحُفَّاظِ لَقُبِلَ، فَكَذَلِكَ إذَا انْفَرَدَ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُتَّهَمُ بِمَا أَمْكَنَ. فَإِنْ قِيلَ: يَبْعُدُ انْفِرَادُهُ بِالْحِفْظِ مَعَ إصْغَاءِ الْجَمِيعِ. قُلْنَا تَصْدِيقُ الْجَمِيعِ أَوْلَى إذَا كَانَ مُمْكِنًا وَهُوَ قَاطِعٌ بِالسَّمَاعِ وَالْآخَرُونَ مَا قَطَعُوا بِالنَّفْيِ، فَلَعَلَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ فِي مَجْلِسَيْنِ: فَحَيْثُ ذَكَرَ الزِّيَادَةَ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا الْوَاحِدُ أَوْ كَرَّرَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ الزِّيَادَةَ فِي إحْدَى الْكَرَّتَيْنِ وَلَمْ يَحْضُرْ إلَّا الْوَاحِدُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَاوِي النَّقْصِ دَخَلَ فِي أَثْنَاءِ الْمَجْلِسِ فَلَمْ يَسْمَعْ التَّمَامَ، أَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْحُضُورِ وَنَسُوا الزِّيَادَةَ إلَّا وَاحِدًا، أَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ سَبَبٌ شَاغِلٌ مُدْهِشٌ فَغَفَلَ بِهِ الْبَعْضُ عَنْ الْإِصْغَاءِ فَيَخْتَصُّ بِحِفْظِ الزِّيَادَةِ الْمُقْبِلُ عَلَى الْإِصْغَاءِ، أَوْ عَرَضَ لِبَعْضِ السَّامِعِينَ خَاطِرٌ شَاغِلٌ عَنْ الزِّيَادَةِ أَوْ عَرَضَ لَهُ مُزْعِجٌ يُوجِبُ قِيَامَهُ قَبْلَ التَّمَامِ، فَإِذَا اُحْتُمِلَ ذَلِكَ فَلَا يُكَذَّبُ الْعَدْلُ مَا أَمْكَنَ.

[مَسْأَلَةٌ رِوَايَةُ بَعْضِ الْخَبَرِ]
ِ مُمْتَنِعَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ مَنَعَ نَقْلَ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى،
وَمَنْ جَوَّزَ النَّقْلَ عَلَى الْمَعْنَى جَوَّزَ ذَلِكَ إنْ كَانَ قَدْ رَوَاهُ مَرَّةً بِتَمَامِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْمَذْكُورُ بِالْمَتْرُوكِ تَعَلُّقًا يُغَيِّرُ مَعْنَاهُ، وَأَمَّا إذَا تَعَلَّقَ كَشَرْطِ الْعِبَادَةِ أَوْ رُكْنِهَا أَوْ مَا بِهِ التَّمَامُ فَنَقْلُ الْبَعْضِ تَحْرِيفٌ وَتَلْبِيسٌ، أَمَّا إذَا رَوَى الْحَدِيثَ مَرَّةً تَامًّا وَمَرَّةً نَاقِصًا نُقْصَانًا لَا يُغَيِّرُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَطَرَّقَ إلَيْهِ سُوءُ الظَّنِّ بِالتُّهْمَةِ، فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُتَّهَمُ بِاضْطِرَابِ النَّقْلِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ نَقْلُ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ]
ِ حَرَامٌ عَلَى الْجَاهِلِ بِمَوَاقِعِ الْخِطَابِ وَدَقَائِقِ الْأَلْفَاظِ، أَمَّا الْعَالِمُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُحْتَمِلِ وَغَيْرِ الْمُحْتَمِلِ، وَالظَّاهِرِ وَالْأَظْهَرِ، وَالْعَامِّ وَالْأَعَمِّ، فَقَدْ جَوَّزَ لَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَنْقُلَهُ عَلَى الْمَعْنَى إذَا فَهِمَهُ، وَقَالَ فَرِيقٌ: لَا يَجُوزُ إلَّا إبْدَالُ اللَّفْظِ بِمَا يُرَادِفُهُ وَيُسَاوِيهِ فِي الْمَعْنَى، كَمَا يُبْدَلُ الْقُعُودُ بِالْجُلُوسِ وَالْعِلْمُ بِالْمَعْرِفَةِ وَالِاسْتِطَاعَةُ بِالْقُدْرَةِ وَالْإِبْصَارُ بِالْإِحْسَاسِ بِالْبَصَرِ وَالْحَظْرُ بِالتَّحْرِيمِ وَسَائِرُ مَا لَا يُشَكُّ فِيهِ، وَعَلَى الْجُمْلَةِ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ تَفَاوُتٌ بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالْفَهْمِ.
وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا فَهِمَهُ قَطْعًا لَا فِيمَا فَهِمَهُ بِنَوْعِ اسْتِدْلَالٍ يَخْتَلِفُ فِيهِ النَّاظِرُونَ. وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ شَرْحِ الشَّرْعِ لِلْعَجَمِ بِلِسَانِهِمْ، فَإِذَا جَازَ إبْدَالُ الْعَرَبِيَّةِ بِعَجَمِيَّةٍ تُرَادِفُهَا فَلَأَنْ يَجُوزَ عَرَبِيَّةٍ بِعَرَبِيَّةٍ تُرَادِفُهَا وَتُسَاوِيهَا أَوْلَى، وَكَذَلِكَ كَانَ سُفَرَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست