responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 132
قَالَ عَدْلٌ: " هَذِهِ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مَثَلًا فَرَأَى فِيهِ حَدِيثًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ، لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ؟ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ الْمُجْتَهِدَ، وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: إذَا عَلِمَ صِحَّةَ النُّسْخَةِ بِقَوْلِ عَدْلٍ جَازَ الْعَمَلُ، لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَحْمِلُونَ صُحُفَ الصَّدَقَاتِ إلَى الْبِلَادِ وَكَانَ الْخَلْقُ يَعْتَمِدُونَ تِلْكَ الصُّحُفَ بِشَهَادَةِ حَامِلِ الصُّحُفِ بِصِحَّتِهِ دُونَ أَنْ يَسْمَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ سُكُونَ النَّفَسِ وَغَلَبَةَ الظَّنِّ.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْوِيَ إلَّا مَا يَعْلَمُ سَمَاعَهُ أَوَّلًا وَحِفْظَهُ وَضَبْطَهُ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ، بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا أَدَّاهُ هُوَ الَّذِي سَمِعَهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ حَرْفٌ، فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَلْيَتْرُكْ الرِّوَايَةَ.

[مَسْأَلَة الشَّكّ فِي مَسْمُوعَاته عَنْ الزُّهْرِيّ مَثَلًا حَدِيثٌ وَاحِدٌ شَكَّ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ أَمْ لَا]
وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ
مَسَائِل إذَا كَانَ فِي مَسْمُوعَاتِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَثَلًا حَدِيثٌ وَاحِدٌ شَكَّ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ أَمْ لَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: " سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ " وَلَا أَنْ يَقُولَ: " قَالَ الزُّهْرِيُّ "، لِأَنَّ قَوْلَهُ: " قَالَ الزُّهْرِيُّ " شَهَادَةٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ كَمَنْ سَمِعَ إقْرَارًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُقِرَّ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَيْدٍ، بَلْ نَقُولُ: لَوْ سَمِعَ مِائَةَ حَدِيثٍ مِنْ شَيْخٍ وَفِيهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ عَيْنُهُ فَلَيْسَ لَهُ رِوَايَتُهُ، بَلْ لَيْسَ لَهُ رِوَايَةُ شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ، إذْ مَا مِنْ حَدِيثٍ إلَّا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْهُ.
وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ مَسْمُوعٌ مِنْ الزُّهْرِيِّ لَمْ تَجُزْ الرِّوَايَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَالَ قَوْمٌ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ.
وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَلَكِنْ فِي حَقِّ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ. أَمَّا الشَّاهِدُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَقَّقَ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إلَّا عَلَى الْمَعْلُومِ فِيمَا تُمْكِنُ فِيهِ الْمُشَاهَدَةُ مُمْكِنٌ، وَتَكْلِيفُ الْحَاكِمِ أَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا بِصِدْقِ الشَّاهِدِ مُحَالٌ، وَكَذَلِكَ الرَّاوِي لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى مَعْرِفَةِ صِدْقِ الشَّيْخِ وَلَكِنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَةِ قَوْلِهِ بِالسَّمَاعِ، فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْوِيَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْوَاحِدُ فِي عَصْرِنَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ. قُلْنَا: لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى تَحَقُّقِ ذَلِكَ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ " - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَمِعَهُ، لَكِنْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ رَوَاهُ فِي كِتَابٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ لَا يَدْرِي مَنْ أَيْنَ يَقُولُهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ إذَا ذُكِرَ مُسْتَنَدُهُ حَتَّى يُنْظَرَ فِي حَالِهِ وَعَدَالَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا أَنْكَرَ الشَّيْخُ الْحَدِيثَ إنْكَارَ جَاحِدٍ قَاطِعٍ بِكَذِبِ الرَّاوِي وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ]
إذَا أَنْكَرَ الشَّيْخُ الْحَدِيثَ إنْكَارَ جَاحِدٍ قَاطِعٍ بِكَذِبِ الرَّاوِي وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ لَمْ يَصِرْ الرَّاوِي مَجْرُوحًا؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ رُبَّمَا لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ شَيْخَهُ كَمَا أَنَّ شَيْخَهُ مُكَذِّبٌ لَهُ وَهُمَا عَدْلَانِ، فَهُمَا كَبَيِّنَتَيْنِ مُتَكَاذِبَتَيْنِ، فَلَا يُوجِبُ الْجَرْحَ. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ إنْكَارَ مُتَوَقِّفٍ وَقَالَ: " لَسْتُ أَذْكُرُهُ " فَيُعْمَلُ بِالْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ جَازِمٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ وَهُوَ لَيْسَ بِقَاطِعٍ بِتَكْذِيبِهِ وَهُمَا عَدْلَانِ فَصِدْقُهُمَا إذَا مُمْكِنٌ. وَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ إلَى أَنَّ نِسْيَانَ الشَّيْخِ الْحَدِيثَ يُبْطِلُ الْحَدِيثَ، وَبَنَى عَلَيْهِ اطِّرَاحَ خَبَرِ الزُّهْرِيِّ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا» ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّيْخِ أَنْ يَعْمَلَ بِالْحَدِيثِ وَالرَّاوِي فَرْعُهُ، فَكَيْفَ يُعْمَلُ بِهِ؟ قُلْنَا: لِلشَّيْخِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ إذَا رَوَى الْعَدْلُ لَهُ عَنْهُ، فَإِنْ بَقِيَ شَكٌّ لَهُ مَعَ رِوَايَةِ الْعَدْلِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَمَلُ بِهِ، وَعَلَى

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست