responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 210
وَأَيْضًا فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مَنْهِيٌّ عَنِ الزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ بَعْضُ الْمَعَاصِي نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي الْمَعْصِيَةَ، فَكَانَ مَعْصُومًا عَنْهَا ضَرُورَةَ تَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
وَأَمَّا خَبَرُ مُعَاذٍ فَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْإِجْمَاعُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمْ يَكُنْ مُؤَخَّرًا لِبَيَانِهِ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ» " [1] لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى مَنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِ بَلْ غَايَتُهُ أَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ هُمُ الْأَقَلُّونَ.
وَقَوْلُهُ: " «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا» " [2] ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعَ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَإِنْ كَانَ خِطَابًا مَعَ الْكُلِّ فَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ فِي آيَاتِ الْمَنَاهِي لِلْأُمَّةِ.
وَقَوْلُهُ: " «حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا» " [3] الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ غَايَتُهُ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ انْقِرَاضِ الْعُلَمَاءِ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ امْتِنَاعَ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ مَعَ انْقِرَاضِ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي اجْتِمَاعِ مَنْ كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْجَوَابُ عَنْ بَاقِي الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى خُلُوِّ آخِرِ الزَّمَانِ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
كَيْفَ وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ خُلُوِّ عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ عَمَّنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَحَتَّى يَظْهَرَ الدَّجَّالُ» ".
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: " «وَاشَوْقَاهُ إِلَى إِخْوَانِي، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ، فَقَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي، إِخْوَانِي قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَهْرَبُونَ بِدِينِهِمْ مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ وَيَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ".
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمَعْقُولِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، فَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ.

[1] رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
[2] جُزْءٌ مِنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
[3] جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَوَّلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 210
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست