اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 373
الدليل الثاني الذي هو إلزام للمخالف بما لا يلتزمه. فإن للمخالف لمسلم أن يقول: قد ألزمتني بأمر لم ألتزمه وأراه غاية التعنت أن يرد كل سند معنعن قد ثبت سماع رواته من بعض لاحتمال عدم السماع في بعض ما يروى بذلك السند، وأنا لا أقبل ذلك لأن الاحتمال هنا نادر والحكم للغالب لا للنادر ثم إن في الأخذ بذلك رد لكثير من الأسانيد التي تداولها علماء أهل الحديث وصححوها واحتجوا بها وينبغي أن يكون الإلزام ملزمًا للمخالف حقًا، فما ذكره مسلم - رحمه الله - غير ملزم لمخالفة لوجود الفرق بين الأمرين.
وظاهر صنيع مسلم أنه يحكم مطلقًا للزائد في السند الذي ثبت تلاقي رواته مثل إذا جاء طريقان أحدهما فيه فلان عن فلان، والثاني فيه زيادة رجل أو أكثر بين المعنعن والمعنعن عنه في الطريق الأول، فيحكم على السند الأول بأنه غير متصل وعلى السند الثاني الذي فيه الزيادة بأنه صحيح الاتصال. والصواب أن في المسألة تفصيلاً.
قال ابن رشيد منتقدًا مسلمًا: (فحاصل ما أتيت بها أيها الإمام من الأمثلة أن من علم سماعه من إنسان ثم اختلفت الرواة عنه، فزاد بعضهم بينهما رجلاً أو أكثر، وأسقطه بعضهم، ومثلت ذلك بهشام عن أبيه عن عائشة، فإنه يحكم لمن زاد بالاتصال، ولمن نقص بالإرسال.
وهذه المسألة أيها الإمام من معضلات هذا العلم، وهي من باب العلل التي يعز لدائها وجود الدواء، ويتعذر في كثير منها الشفاء، فكيف يصح أن يجعل ما هذه حالة دليلاً في محل النزاع أو يحكم فيه حكمًا جمليًا، وليت الحكم التفصيلي يكشف بعض أمره.
فنقول: إذا ورد حديث معنعن عن رواة لقي بعضهم بعضًا ثم ورد ذلك الحديث بعينه بزيادة رجل منصوصًا على التحديث فيه أو معنعنًا أيضًا، نظرنا إلى حفظ الرواة وكثرة عددهم، وانفتح باب الترجيح فحكمنا لمن يرجح قوله من الزائد أو الناقص أو لمن تيقنا صوابه؛ كأن نتحقق أنه لم يسمعه ممن رواه عنه مرسلاً أو أن ذلك الزائد في الإسناد خطأ كما قد نحكم بذلك إذا كان الحديث بلفظ "نا"، ثم زاد أحدهما راويًا نقصه غيره، أو أن الحديث عند الراوي عنهما معًا، وقد بان ذلك
اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 373