اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 372
احتج به مسلم: أنا قبلنا المعنعن وحملناه على الاتصال بعد ثبوت التلاقي ممن لم يعرف منه تدليس، لأنه لو لم يكن قد سمعه ممن رواه عنه لكان بإطلاقه الرواية عنه مدلسًا، والظاهر سلامته من وصمة التدليس، ومثل هذا غير موجود فيما إذا لم يعلم تلاقيهما) [1] .
وأجاب النووي على إلزام مسلم بقوله: (إذا ثبت التلاقي غلب على الظن الاتصال والباب مبني على غلبة الظن فاكتفيا به. وليس هذا المعنى موجودًا فيما إذا أمكن التلاقي ولم يثبت فإنه لا يغلب على الظن الاتصال فلا يجوز الحمل على الاتصال ويصير كالمجهول فإن روايته مردودة لا للقطع بكذبه أو ضعفه بل للشك في حاله) [2] .
وقد أجاب العلائي عما ألمح إليه مسلم من أن احتمال الإرسال في معنعن من ثبت لقيه مثل احتمال الإرسال في معنعن المعاصر غير المدلس فلا فرق بينهما بقوله: (الفرق بين المقامين بأن الراوي إذا ثبت لقاؤه لمن عنعن عنه ومشافهته له وكان بريئًا من تهمة التدليس فالظاهر من حاله فيما أطلقه بلفظ "عن" الاتصال وعدم الإرسال حتى يتبين ذلك بدليل - كما في الأمثلة التي ذكرها - وهي منغمرة في جنب الغالب الكثير من الأسانيد، فلا يعترض بها على الغالب لندرتها بخلاف إرسال الراوي عمن لم يلقه فإنه كثير جدًا بلفظ "عن" فلا يلزم من عدم التوقف في ذلك عدم التوقف في هذا ومع ظهور الفرق بينهما فلا نقض) [3] .
وبين الحافظ ابن حجر أن إلزام مسلم لمخالفه بعدم الاحتجاج بأي سند معنعن ليس بلازم فقال: (واكتفى مسلم بمطلق المعاصرة، وألزم البخاري بأنه يحتاج إلى أن لا يقبل العنعنة أصلاً، وما ألزمه به ليس بلازم، لأن الراوي إذا ثبت له اللقاء مرة لا يجري في روايته احتمال أن لا يكون سمع منه، لأنه يلزم من جريانه أن يكون مدلسًا، والمسألة مفروضة في غير المدلس) [4] .
وما أبداه هؤلاء العلماء في ردهم على مسلم من حجج قوية يظهر ضعف [1] صيانة صحيح مسلم (ص128) . [2] شرح صحيح مسلم للنووي (1/128) . [3] جامع التحصيل (ص119-120) . [4] نزهة النظر (ص31) . ونحو كلامه هذا قاله في النكت على ابن الصلاح (2/596) .
اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 372