قَوْله ارادت بَنو سَلمَة الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ بَنو سَلمَة بطن من الْأَنْصَار وَلَيْسَ فِي سَلمَة بِكَسْر اللَّام غَيرهم كَانَت دِيَارهمْ على بعد من الْمَسْجِد وَكَانَ يجهدهم فِي سَواد اللَّيْل وَعند وُقُوع الأقطار وامتداد الْبرد فأرادوا ان يَتَحَوَّلُوا قرب الْمَسْجِد فكره النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يعرى جَوَانِب الْمَدِينَة فرغبهم فِيهَا عِنْد الله تَعَالَى من الْأجر على نقل الخطا وَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي بعده مَا ورد من ان شوم الدَّار عدم سماعهَا الْأَذَان لِأَن الشامة من حَيْثُ أَنه رُبمَا أدّى الى فَوت الْوَقْت وَالْجَمَاعَة وَله الْفضل من حَيْثُ كَثْرَة الخطى المستلزمة لِكَثْرَة الْأجر فالحيثية مُخْتَلفَة وروى أَحْمد خير فضل الدَّار الْبَعِيدَة عَن الْمَسْجِد على الْقَرِيبَة كفضل الْفَارِس على الْقَاعِد مرقاة مَعَ اخْتِصَار
قَوْله
[788] خمْسا وَعشْرين دَرَجَة قَالَ التوربشتي ذكر فِي هَذَا الحَدِيث خمْسا وَعشْرين دَرَجَة وَفِي حَدِيث بن عمر بِسبع وَعشْرين دَرَجَة وَجه التَّوْفِيق ان يُقَال عرفنَا من تفَاوت الْفضل ان الزَّائِد مُتَأَخّر عَن النَّاقِص لِأَن الله تَعَالَى يزِيد عباده من فَضله وَلَا ينقصهم من الْمَوْعُود شَيْئا فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر الْمُؤمنِينَ اولا بِمِقْدَار من فَضله ثمَّ رأى ان الله تَعَالَى يمن عَلَيْهِ وعَلى أمته فبشرهم بِهِ وحثهم على الْجَمَاعَة وَأما وَجه قصر الْفَضِيلَة على خمس وَعشْرين وعَلى سبع وَعشْرين أُخْرَى فمرجعه الى الْعُلُوم النَّبَوِيَّة الَّتِي لَا يُدْرِكهَا الْعُقَلَاء إِجْمَالا فضلا عَن التَّفْصِيل وَذكر النَّوَوِيّ ثَلَاثَة أوجه الأول ان ذكر الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكثير وَالثَّانِي مَا ذكره التوربشتي وَالثَّالِث أَنه يخْتَلف باخْتلَاف حَال الْمصلى وَالصَّلَاة فلبعضهم خمس وَعِشْرُونَ ولبعضهم سبع وَعِشْرُونَ بِحَسب كَمَال الصَّلَاة والمحافظة على قِيَامهَا والخشوع فِيهَا وَشرف الْبقْعَة والأمام انْتهى وَالظَّاهِر ان هَذِه الْفَضِيلَة لمُجَرّد الْجَمَاعَة مَعَ قطع النّظر عَمَّا ذكر لِأَن بعض البقع يزِيد اضعافا كثيرا فَالْمُعْتَمَد مَا ذكره التوربشتي (مرقاة)
قَوْله فَأحرق قيل هَذَا يحْتَمل ان يكون عَاما فِي جَمِيع النَّاس وَقيل المُرَاد بِهِ المُنَافِقُونَ فِي زَمَانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالظَّاهِر الثَّانِي إِذْ مَا كَانَ أحد يتَخَلَّف عَن الْجَمَاعَة فِي زَمَانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا مُنَافِق ظَاهر النِّفَاق أَو الشاك فِي دينه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دَلِيل على أَن الْعقُوبَة كَانَت فِي بدع الْإِسْلَام باحراق المَال وَقيل اجْمَعْ الْعلمَاء على منع الْعقُوبَة بالتحريق فِي غير المتخلف عَن الصَّلَاة والقتال وَالْجُمْهُور على منع تحريق متاعهما وَقَالَ بن حجر لَا دَلِيل فِيهِ بِوُجُوب الْجَمَاعَة عينا بِالَّذِي قَالَ بِهِ أَحْمد وَدَاوُد لِأَنَّهُ وَارِد فِي قوم الْمُنَافِقين وَقَالَ القَاضِي الحَدِيث يدل على وجوب الْجَمَاعَة وَظَاهر نُصُوص الشَّافِعِي يدل على أَنَّهَا من فروض الكافية قلت ظَاهر الحَدِيث على الْوُجُوب فَإِنَّهُ لَو كَانَ كِفَايَة لما اسْتحق بعض التاركين التعذيب قَالَ بن الْهمام كَانَ الْقَائِل بالكفاية يَقُول الْمَقْصُود من الْجَمَاعَة إِظْهَار الشعار وَهُوَ يحصل بِفعل الْبَعْض وَهُوَ ضَعِيف إِذْ لَا شكّ فِي أَنَّهَا كَانَت تُقَام على عَهده فِي مَسْجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ ذَلِك قَالَ فِي المتخلفين مَا قَالَ وَلم يصدر مثله عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَن يتَخَلَّف عَن الْجَنَائِز وَذهب الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك
الى أَنَّهَا سنة مُؤَكدَة وتمسكوا بِالْحَدِيثِ السَّابِق الْوَارِد فِي بَاب فضل الصَّلَاة فِي جمَاعَة وَهُوَ صَلَاة الرجل فِي جمَاعَة تزيد على صلَاته فِي بَيته الى آخر الحَدِيث وَأَجَابُوا عَن هَذَا الحَدِيث بِأَن التحريق لاستهانهم وَعدم مبالاتهم بهَا لَا لمُجَرّد التّرْك مرقاة مُخْتَصرا
قَوْله
[794] عَن ودعهم الْجَمَاعَات وَهِي جمع جمَاعَة واخرج مُسلم فِي بَاب الْجَمَاعَة بِلَفْظ الْجُمُعَات وَفِي بعض نسخ سنَن بن ماجة أَيْضا كَذَلِك وَلَكِن تَرْجَمَة الْبَاب لَا يساعد هَذَا اللَّفْظ الا ان يُقَال الْجمع بِسُكُون الْمِيم فَإِنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة فَيكون هَذَا جمع لفظ الْجمع وَهَذَا وَعِيد شَدِيد انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى
قَوْله
اسم الکتاب : شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 57