اسم الکتاب : من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال المؤلف : دسوقي، محمد الجزء : 1 صفحة : 125
وفي الأثر عن ابن مسعود: (لأن أسبح الله تعالى تسبيحات أحب إليّ من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله عز وجل) ، وجلس عبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود فقال ابن مسعود: (لأن آخذ في طريق أقول فيه: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إليّ من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله عز وجل) ، فقال عبد الله بن عمرو: (لأن آخذ في طريق فأقولهن أحب إليّ من أن أحمل عددهن على الخيل في سبيل الله عز وجل) [1] .
مقام موافقة الجبال والطيرلتسبيح نبي الله داود عليه السلام:
وفي ذلك يقول سبحانه: (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق. والطيرَ محشورةً كلٌّ له أوّاب.. 17- 19) ، وقد سبق أن ألمعنا إلى أن مفردة التسبيح هنا في حق كلٍّ مستخدمة على غير ظاهر معناها ومستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب من معنى التنزيه وقول: سبحان الله، وأن التجوز في حق تسبيح الجبال بالعشي والإبكار، مغاير للتجوز الذي هوفي حق داود عليه السلام، ذلك أن استعمالها تجوزاً في حق داود استعمال بما يليق به من معنى الصلاة لكونه المستساغ في حقه، واستعمالها تجوزاً في حق الجبال والطير استعمال بمعنى التسخير والانقياد وهو تسخير وانقياد يحمل - كما قلنا - معنى الطواعية على ما يومئ إليه السياق ويدل عليه قوله (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين.. فصلت /11) ، فهو تقديس بلسان قالٍ لائق بهن نظير تسبيح الحصى المسموع في كف النبي - صلى الله عليه وسلم -. [1] ينظر الوابل الصيب لابن القيم ص134.
اسم الکتاب : من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال المؤلف : دسوقي، محمد الجزء : 1 صفحة : 125