اسم الکتاب : رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم المؤلف : شلبي، عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 54
ومع اختلافهم في حرف {مُوصٍ} على هذا النحو بالتخفيف والتشديد, فإنه لا خلاف بينهم في {يُوصِيكُمُ} بالتخفيف, مع أن الرسم يحتمل التشديد كذلك.
وكذلك يقال في: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} في لقمان، {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} في عسق، فمن قرأ بالتشديد حجته قوله تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [1]، ومن ترك التشديد حجته قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [2].
هذا فيما هو خاصّ بالضوابط الحركية، أما ما هو خاصّ بالنقط، ففي القرآن كذلك الدليل:
روى حفص عن عاصم: {أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} وحجته في ذلك: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} .
وقرأ حمزة: "سوف نؤتيهم" بالنون, وحجته قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ} وقوله: {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} [3], فيجب أن تترك الحجة الواهية التي يقول بها "جولدتسيهر" أن الرسم يحتمل التشديد والتخفيف, ويُركَن إلى القول بالرواية، ما دامت -أي: الرواية- قد ورد الدليل عليها صريحا مرويا في أماكن أخرى.
وسادسًا: نجد إماما من الأئمة, اشتغل بالنحو فصار فيه مقدما، واشتغل بالقراءات حتى عد من القراء السبعة، ومع ذلك تجده يخالف قارئا[4] مذهبه نحويا[4]، وأسوق لذلك مثلين أحدهما لقارئ من نحاة البصرة "كأبي عمرو" والآخر من نحاة الكوفة "كالكسائي"؛ لأوضح ما أقول:
قال ابن خالويه: "وأدغم أبو عمرو وحده الراء في اللام: "من يغفر لكم" وما شاكله في القرآن، وهو ضعيف عند البصريين"[5]. [1] سورة الفرقان: آية 48. [2] سورة الحديد: آية 27. [3] الحجة للفارسي: 3/ 301. [4] منصوب على الحال. [5] الحجة لابن خالويه، وجه ورقة 10.
اسم الکتاب : رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم المؤلف : شلبي، عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 54