اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 222
قال الله تعالى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) .
هذا شروع في بيان أحكام المواريث بعد بيان الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى التي آلت إليهم بالميراث.
كان من عادتهم في الجاهلية ألا يورّثوا النساء ولا الصغار، يقولون: إنما يرث من يحارب ويحمي الحوزة ويجوز الغنيمة. وللرد عليهم نزلت هذه الآية، قال ابن جبير وغيره [1] .
وروي أنّ أوس بن ثابت مات، وخلّف بنتين وابنا صغيرا وزوجة، فجاء ابنا عمه، فزويا ميراثه عن أولاده وزوجه، على سنتهم في الجاهلية، فقالت امرأته لهما:
تزوّجا البنتين، وكانت بهما دمامة، فأبيا، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فشكت إليه، فقال:
ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله، فنزلت: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ الآية، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى ابني العم أن لا يفرّقا من مال أوس شيئا، فإنّه قد أنزل عليّ فيه شيء، أخبرت أنّ للذكر والأنثى نصيبا، ثم نزل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء: 11] إلى قوله:
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ [النساء: 12] فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالميراث، فأعطى المرأة الثمن، وقسم ما بقي بين الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولم يعط ابني العم شيئا [2] .
وفي بعض طرقه أن الميت خلّف زوجه وبنتين وابني عم، فأعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الزوجة الثمن، والبنتين الثلثين، وابني العم الباقي.
وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال:
فمن الناس من أبقاها على ظاهرها، فجعل المراد من الرجال الذكور البالغين، ومن الوالدين الأب والأم بلا واسطة، ومن النساء الإناث البالغات. يكون المعنى حينئذ:
للذكور البالغين نصيب مما ترك آباؤهم وأمهاتهم وأقاربهم، كإخوتهم وأخواتهم، وأعمامهم وعماتهم، وللإناث البالغات كذلك نصيب مما ترك آباؤهن إلخ.
ويكون الله تعالى قد بيّن في هذه الآية أن الإرث غير مختصّ بالرجال كما هو عادتهم في الجاهلية، بل هو أمر مشترك بين الرجال والنساء، ولا مانع من الاقتصار في الآية على هذا القدر جريا على سنة الله في التشريع الإسلامي من التدرج في الأحكام، إذ كان من عادة القوم توريث الكبار من الرجال دون الصغار والنساء كما علمت، فأراد الله سبحانه أن ينقلهم عن تلك العادة قليلا على التدريج، لأنّ الانتقال من العادة شاقّ ثقيل على الطبع، فإذا كان دفعة عظم وقعه، وصعب على النفوس تلقيه بالقبول، وإذا كان على التدريج سهل أمره، وخفّ على [1] انظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (2/ 123) . [2] المرجع نفسه (2/ 122) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 222