responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 100
وكذا. وأكثر ما يقول السلطان والحاكم بعد وجوب الحكم: خذ بيده واسفع بيده.
ونحوه قول الله: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ [العلق: 15، 16] أي لنأخذنّ بها، ثم لنقيمنّه ولنذّلنّه إما في الدنيا وإما في الآخرة، كما قال تعالى: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ [الرحمن: 41] أي يجرّون إلى النار بنواصيهم وأرجلهم. ثم قال: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) [العلق: 16] وإنما يعني صاحبها. والناس يقولون: هو مشؤوم الناصية. لا يريدونها دون غيرها من البدن. ويقولون: قد مرّ على رأسي كذا. أي مر عليّ.
فكأنه تعالى قال: لو كذب علينا في شيء مما يلقيه إليكم عنّا، لأمرنا بالأخذ بيده، ثمّ عاقبناه بقطع الوتين.
وإلى هذا المعنى ذهب الحسن فقال في قوله تعالى: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) [الحاقة: 45] أي بالميامن، ثم عاقبناه بقطع الوتين، وهو: عرق يتعلق به القلب، إذا انقطع مات صاحبه.
ولم يرد أنا نقطعه بعينه، فيما يرى أهل النظر، ولكنّه أراد: ولو كذّب علينا لأمتناه أو قتلناه، فكان كمن قطع وتينه.
ومثله
قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «ما زالت أكلة خيبر تعادّني، فهذا أوان قطعت أبهري» [1] .
والأبهر: عرق يتصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه. فكأنّه قال: فهذا أوان قتلني السّمّ، فكنت كمن انقطع أبهره.
ومنه قوله سبحانه: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) [القلم: 16] ذهب بعض المفسّرين فيه: إلى أنّ الله عزّ وجلّ يسم وجهه يوم القيامة بالسّواد.
وللعرب في مثل هذا اللفظ مذهب نخبر به، والله أعلم بما أراد.
تقول العرب للرجل يسبّ الرجل سبّة قبيحة، أو ينثو عليه فاحشة: وقد وسمه بميسم سوء. يريدون: ألصق به عارا لا يفارقه، كما أنّ السّمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها.
وقال جرير»
:

[1] أخرجه بنحوه البخاري في المغازي باب 83، والدارمي في المقدمة باب 11، وأحمد في المسند 6/ 18، والقاضي عياض في الشفا 1/ 609، والخطابي في إصلاح خطأ المحدثين 33، والقرطبي في تفسيره 5/ 163، والمتقي الهندي في كنز العمال 32189، والذهبي في ميزان الاعتدال 6263، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 3/ 1239. [.....]
(2) البيت من الطويل، وهو في ديوان جرير ص 443.
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست