يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ»
في الأحكام وغيرها «لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ» في الآخرة «بِما نَسُوا» غفلوا عما أمروا به في الدنيا، ومن أعظم ذلك عذابا ترك العدل في القضاء «يَوْمَ الْحِسابِ 26» والجزاء لأنهم لو تذكروا عذاب الله في ذلك اليوم العظيم لما فرطوا في الأمر ولما حصلت لهم الغفلة والنسيان والخطأ. كان إسماعيل الساماني إذا قضى بشيء قال: إلهي هذا جهدي وطاقتي ولا أعلم أجنفت أم ظلمت فاغفر لي. وأنا ممن يقول هذا، وأستغفر الله. هذا، وإذا أردت استيفاء هذا البحث فعليك بمراجعة تفسير الآية 58 من النساء في ج 3 لأنا سنبين فيها إن شاء الله ما تقف عليه مما يتعلق في هذا البحث، قال بعض المفسرين إن ذنب داوود الذي أستغفر منه ليس بسبب أوريا وزوجته، بل بسبب قضائه للخصم قبل سماع كلام الآخر، ولحكمه بالظلم عليه بمجرد الدعوى، وهذا مخالف للعدل، فتاب وقبلت توبته ويستدل بهذا على نزاهة داود عليه السلام مما أسند اليه ولكن الأول أولى وأحرى.
مطلب الحكم الشرعي في الأحكام:
الحكم الشرعي: لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه ولا قبل سماع دفاع الخصم وإن فصل الخطاب في شريعتنا، هو البينة على من أدعى واليمين على من أنكر ويجب عليه أن يتبصر بكلام الطرفين ويسوي بينهما بالمكان والكلام، والنظر ويتروى بالحكم بأن يتحقق من صحة الدعوى، ومطابقة الشهادة لها، ولبعضها، ومن عدالة الشهود وعدم المانع من قبولهم حتى تقطع الخصومة بوجه صحيح يكسر من عزم المنكر وجحوده، وأن يفهم حكمه إلى المحكوم عليه بلين ورفق ويبين له خطأه في إنكاره ويفصل أسباب الحكم وصحة الدعوى ليقع في قلبه عدم الحيف عليه ومنه، فهذا إذا لم يحمل المدعى عليه على الانحراف بالحق يحمله على الاعتراف بعدل الحاكم ويحمل ما يراه من الخطأ حسب زعمه على اجتهاد القاضي، والاجتهاد قد يحتمل الخطأ فيسلك طريق المراجعة إلى محكمة أخرى إذا كان يعتقد الخطأ فيه برضى واختيار وسكينة، راجع حديث البطاقة في الآية 7 من الأعراف الآتية، وهذا كله يتوقف