على تحري العدل ومعرفه العلم وأصول القضاء، فيا ويل قضاة زماننا- وأنا منهم- إذا لم يسلكوا ما سنه الله لهم ورسوله، ويا ويل من ولاهم إذا كان في رعيته من هو خير منهم، ولا حول عن اجتناب المعصية، ولا قوة على فعل الطاعة إلا بإرادة الله وتوفيقه، قال بعض المفسرين: لما أنتبه داوود إلى خطأه الذي هو من قبيل حسنات الأبرار سيئات المقربين، سجد لله أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة أو لصلاة مكتوبة عليه، ثم يعود ساجدا تمام الأربعين يوما لا يأكل ولا يشرب وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه، وهو ينادي ربه عز وجل ويسأله قبول توبته وكان من جملة دعائه في سجوده: سبحان الملك الأعظم الذي يبتلي الخلق بما يشاء سبحان خالق النور، سبحان الحائل بين القلوب، إلهي خليت بيني وبينك عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي، سبحان خالق النور، إلهي أنت خلقتني وكان في سابق علمك ما أنا إليه صائر، سبحان خالق النور، إلهي الويل لداوود يوم يكشف عنه الغطاء، فيقال هذا داوود الخاطئ، سبحان خالق النور، إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة، وإنما ينظر الصالحون من طرف خفي، سبحان خالق النور، إلهي بأي قدم أقوم أمامك يوم القيامة يوم تزل فيه أقدام الخائنين ولم يزل كذلك حتى قبل الله توبته، على أن ظاهر القرآن يشعر بقبول توبته آنيا لقوله تعالى: «فَغَفَرْنا لَهُ» والفاء تفيد التعقيب والترتيب وهناك أخبار أخرى من قبول توبته أعرضنا عنها لعدم الوقوف بها اكتفاء بما ذكره الله القائل «وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا» عبثا لعبا ولهوا «ذلِكَ» أي خلقهما باطلا «ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا» ليس إلا «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ 27» على ظنهم الباطل هذا لأنا لم نخلق شيئا إلا لحكمة بالغة «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» الذين يتفكرون في عجائبهما ويمعنون النظر فيما بينهما من الصنع البديع والمخلوقات المتنوعة والانتظام في سير الكواكب وما يحدث عنها من المنافع وكيفية نبات الأرض واختلاف أصنافه وألوانه وأشكاله وما فيها من المياه والأودية والجبال وما خد فيها من الطرق والمغاور والوديان، وما أودعه فيها من المعادن والدواب والحيات والطير